لا شك أن كل واحد منا يدرك بجلاء أهمية الوطن و ضرورة الإرتباط به لإعتبارات عديدة ، ثقافية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية و حتى أمنية ، دون أن نتسائل عن المدلولات اللفظية لهذا المفهوم و أبعاده المختلفة و المكانة الرمزية التي يحتلها في نفوس الشعوب .
فكلمة ”وطن“ في لسان العرب تعني المنزل الذي يقيم الفرد فيه ، و هو المكان الذي يضمنا بين أحضانه و نعتبره موطنا ، حيث يعطينا الأمن و الأمان و يضمن لنا الإستقرار الذي ننشده .
و إنطلاقا من هذه النظرة الشمولية لمفهوم "الوطن” فقد خلص بعض الدارسيين الى أن المواطن الصالح هو ذلك الشخص الذي يلتزم بالقوانين و يدفع الضرائب بإنتظام و يؤمن بحقوق الآخرين و يسعى جاهدا للعيش المشترك و التعاون البناء لما فيه خير البلاد و العباد .
فالتحلي بروح المواطنة ، علاوة على كونه واجبا مقدسا ، فإنه يبقى السبيل الوحيد الذي يمكن أبناء الوطن الواحد من الصمود أمام تحديات الفرقة و الكراهية و الأنانية الضيقة.
و في المقابل فإننا نرى أنه من واجب الوطن أن يكرم أبنائه و يفتح الفرص المتكافئة أمامهم ، و أن يعمل على تطبيق الإصلاحات الضرورية التي من شأنها الإسهام في التحسين من أوضاعهم نحو الأفضل .
في هذا السياق ، فقد أعلن رئيس الجمهورية السيد محمد ول الشيخ الغزواني مرارا و في مناسبات عدة أن الوطن يتسع لجميع أبنائه و يحتاج إليهم جميعا في النصح و تلبية نداء الواجب الوطني و حمل الهم المشترك للدفاع عن البلاد و صون كرامتها و الذود عن وحدتها الوطنية . مؤكدا في الوقت ذاته أهمية حقوق المواطنة ، من خلال الإعتزاز بالمجتمع و تنوعه الثقافي ، و ضرورة تجاوز رواسب التقاليد البالية المتعارضة مع التقدم العالمي في مجال حقوق الإنسان و اعتماد نهج الوئام و الأخوة سبيلا لترسيخ اللحمة الوطنية التي يكون فيها كل إسهام فردي اثراءا جماعيًا و معالجة كل أشكال التفاوت الناجمة عن التمييز الإجتماعي و القضاء على الفقر الذي يضر بتماسك المجتمع و يعيق تنميته .
كما رفع سيادته منذ توليه الحكم في البلاد شعار الإنصاف الهادف الى تلبية حاجات السكان المعوزين عبر البحث عن خلق فرص جديدة للتشغيل و تطوير آليات التضامن الإجتماعي و تحريم الإسترقاق و ضمان منح ملكية عقارية لصغار الفلاحين و إضفاء الشفافية في الحياة العمومية ، و الفصل بين السلطات و تعزيز دور و استقلالية القضاء نظرا لمحوريتها في التأسيس لدولة العدل و القانون التي ننشدها جميعا.
و هي كلها أمور جوهرية في برنامج الإصلاحات الذي يجري تنفيذه حاليا ، و الهادف الى تحقيق التنمية المطلوبة لتحسين ظروف المواطنين و الوصول الى الرفاه المشترك لكل أفراد الشعب
و خلاصة الأمر فإن سعي البعض لتقزيم الإنجازات و التقليل من أهميتها و النيل من سمعة البلاد و هيبتها لايساعد إطلاقًا على التقدم و البناء لأن الأوطان لا تبنى بحجم الموارد الإقتصادية التي تملكها ، بل بقناعة أبنائها الذين يتشبثون بالروح الوطنية العالية و المؤمنين بأن حق الوطن عليهم أولوية تفوق كل الإعتبارات .
بلادي و إن جارت علي عزيزة : و أهلي و إن ضنوا علي كرام
بقلم: د.محمد الراظي بن صدفن