قال زعيم المعارضة الموريتانية الحسن ولد محمد إن موريتانيا بلد هش يواجه الكثير من التحديات ، وتعرف تجربته الديمقراطية تشوهات خلقية تحول دون بلوغها سن الرشد.
وأضاف ولد محمد فى كلمة وجهها للرأى العام خلال ندوة أقامتها مؤسسة زعامة المعارضة، وقاطعتها قوى فاعلة فى المنتدى وأخرى فى الأغلبية إن البعض يريد لهشاشة البلد أن تكون سببا في تعطيل مسيرته نحو العدل و يريد للتحديات التي نواجه أن تكون ذريعة دائمة للقبول بحالة ديمقراطية شائهة.
وهذا نص الخطاب :
الحضور الكريم
نحن في بلد هش يواجه الكثير من التحديات و تعرف تجربته الديمقراطية تشوهات خلقية تحول دون بلوغها سن الرشد إلي هذا الحد ربما نحن جميعا متفقون لكن البعض يريد لهشاشتنا أن تكون سببا في تعطيل مسيرتنا نحو العدل و يريد للتحديات التي نواجه أن تكون ذريعة دائمة للقبول بحالة ديمقراطية شائهة و هو مسار خاطئ بل المسار المسؤول عما نحن فيه اليوم بعد خمس و خمسين سنة من الاستقلال و بعد ربع قرن من الاعتماد النظري للنظام الديمقراطي و التطبيق الشكلي لبعض مخرجاته الانتخابية.
نحن بلد هش نعم، تواجهنا تحديات نعم..لكن دواء هشاشتنا و وصفة علاج تحدياتنا ليس شيئا آخر غير دولة العدل و القانون الحقة.
السادة الرؤساء،السادة المنتخبون،أيها الجمع الكريم
إن النظام السياسي الحاكم للبلد اليوم مصر-رغم كل الدعوات و كل الفرص المهدورة-على تعطيل سير البلد نحو الديمقراطية و دولة القانون، و هي صفة لازمته منذ بداية حكمه الذي تأسس على إلغاء نتائج أفضل تجربة ديمقراطية عرفناها رغم ما بعض ملاحظاتنا على بداية تلك التجربة.
إننا اليوم في لحظة عادت فيها أساليب اعتقال أصحاب الرأي و حرمان المواطنين من حقوقهم في التجمع و التحزب.فهاهم مناهضوا العبودية يسجنون فقط لأنهم شاركوا في مسيرة سلمية، و هذه وزارة الداخلية ترفض الترخيص لحزبين استكملا الشروط القانونية و اعني هنا حزب الأصالة و التجديد و حزب القوي التقدمية للتغيير.
و حتي حرية التعبير التي ظلت أهم مكتسباتنا تبدوا اليوم مهددة بشكل جدي مع اقتراح الحكومة مشروع قانون مثير يريد أن يُعيد من النافذة المادة 11 سيئة الصيت التي طردها الموريتانيون من الباب خلال المرحلة الانتقالية الأولي.
أما الوضع الاقتصادي و الاجتماعي فقد وصل حالة غير مسبوقة من الاحتقان بفعل سياسات الحكومة، فقد لا نبالغ إن قلنا أن رؤيتها تقوم على إرهاق المواطنين من خلال رفع الأسعار عموما و تثبيت أسعار الوقود على ما كانت عليه قبل سنة رغم التراجع الكبير لسعر هذه المادة على مستوي السوق العالمية، و كذلك من خلال فرض سياسات ضريبية مجحفة أجبرت رأس المالي المحلي و الأجنبي على الهجرة بحثا عن ملاذات يحكمها العدل و القانون و تسمو فيها شروط الاستثمار الفعال على قيم المحسوبية و المنافسة غير النزيهة.
السادة الحضور
إن اختيار موضوع: "السلطة و المعارضة في دولة القانون" كعنوان لهذه الندوة يهدف لخلق نقاش سياسي واع، أملا في المساهمة لتأسيس مقاربة سياسية تسهم في ترجمة ممارسات سياسية جديدة تستند في روحها لما يفرضه العيش في ظل دولة القانون من ضوابط و قيم لإشاعة الثقافة الديمقراطية من حرية تعبير و ممارسة ضمانا للتداول السلمي على السلطة و للاحتكام للدستور باعتباره أهم حكم في قواعد اللعبة الديمقراطية.
إنني اغتنم هذه الفرصة للتذكير بالمسؤوليات و الأدوار التي تناط بالمعارضة في الدول الديمقراطية من المساهمة في تكريس قيم الديمقراطية ،كما اغتنم الفرصة للإشادة بالدور التاريخي الذي لعبته المعارضة في موريتانيا على مدار العقدين الأخيرين،حيث استطاعت بوعيها و إخلاصها انتشال البلاد من الوقوع في الكثير من الأزمات رغم تزوير الانتخابات لصالح الأنظمة و رغم منعها من حقوقها السياسية و رغم تغييب رموزها و مناضليها خلف زنازين السجون.
إننا عندما نتحدث عن المعارضة في دولة القانون، فإننا نعني بذلك تلك المعارضة التي تتاح لها الفرص أن تكون أغلبية إذا ما اختارها الناس،تلك المعارضة التي يسمح لها بلعب دور الرقيب على تسيير الحكومة لخيرات البلد و مؤسساته، تلك المعارضة التي لا يكون حيز التعامل معها مرهون باللحظة الانتخابية. باختصار إننا نعني بالمعارضة في دولة القانون تلك المعارضة التي يتم التعامل معها كبديل محتمل للنظام في أي وقت .
السادة و السيدات
أيها الجمع الكريم
إن عنوان الندوة يدفعني أيضا لإشارة إلي خصائص السلطة المنشودة في ظل دولة القانون.، خاصة في الوقت الذي أصبحت كلمة"دولة القانون" مصلحا شائعا في قاموس الأبواق الإعلامية للنظام و النخب المساندة له. إن السلطة في دولة القانون،لا يمكن أن تطلق بحال من الأحوال على السلطة الحالية.لأن خصائص السلطة في دولة القانون تتسم بتبني سياسة حكامة بدون فساد و إرساء دعائم قضاء لا يسمع إلا لنداء الضمير و تشجيع نظام اقتصادي لا يقوم على ريع و خلق فرص متكافئة لجميع أبناء الوطن في كافة المجالات و توفير مناخ امن لحرية إعلام بعيدا عن مقص المصادرة و التضييق،وتعزيز دور المجتمع المدني كقوة حية خادمة للوطن و المواطن.
الإخوة و الأخوات الحضور
لقد حاولنا في مؤسسة المعارضة الديمقراطية أن نقوم بدورنا في لفت الانتباه للإختلالات القائمة و اقتراح الحلول لها لكنا –و بكل صراحة و أسف -قوبلنا بصدود مبكر جدا فعطلت مقتضيات القانون التي تمنحنا فرصة القيام بالواجب ليستمر الحاكمون في نهجهم الذي يرفعون فيه شعار "ما أريكم إلا ما أري"، لكن هذا الصدود و هذا التعطيل للقانون لن يدفعنا لرفع الراية البيضاء، فنحن أولا و أخيرا أطر معارضون ننتمي لمدارس نضالية معارضة أخذت على نفسها عهدا أن تقدم كل ما تملك من اجل دولة العدل و القانون و المواطنة الكاملة.
في الختام
أجد لكم الشكر ، كما اشكر شكرا خاصا إخوتي الأفاضل: عبد السلام و حرمه و لوكورمو عبدول و محمد فال ولد بلال و بلال ولد ورزك الذين تكرموا بإنعاش هذه الندوة.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالي و بركاته