يتحرك الإدارى المدير العام للشركة الوطنية للصناعة والمناجم المهندس محمد فال ولد أتليميدي بأريحية كبيرة داخل منشآت الشركة بمدينة ازويرات (عاصمة تيرس زمور ) قبل ساعات قليلة من وصول الرجل الأول فى السلطة إلى المدينة، وآخر مايشغل باله هو العلاقة بين الإدارة والعمال، أو سير الأشغال قبل نهاية العام الحالى، أو أحاديث الشغيلة مع الوافدين من أصحاب القرار والإعلام؛ لقد أنتهت كل عوامل التوتير ، وطرحت قضايا الشركة أكثر من مرة على بساط البحث والنقاش ، وأطمأنت الأنفس لمستقبل شركة تعنى للبعض أكثر من رب عمل ، وباتت العلاقة بين الإدارة والعاملين فى الشركة تدار بمنطق آخر ، غير ما عرفته البلاد منذ 1966 إلي أحداث 2015 وماسببته من جروح غائرة فى ذاكرة الشركة والمراهنين عليها.
يقول رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني خلال خطاب مفتوح مع العمال نهاية 2020 خلال زيارته الأولى للشركة إنه جد مسرور بشكل العلاقة القائمة بين العمال والإدارة ، وإن الموقف الذى حمله إليه الاداري المدير العام للشركة ساعتها المختار ولد أجاي يشكل مصدر ارتياح كبير ،وذلك حينما طلب منه نقاش الوضعية العامة مع عمال الشركة والإطلاع على العرائض المقدمة من كل المناديب، ليخبره بأن المناديب كلفوه هو شخصيا بالدفاع عن حقوقهم، وطرح مطالبهم، وتحقيق مايصبون إليه من حقوق ، بعدما أدو ماعليهم من واجبات.
لم يبخل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بتوجيه يضمن للعمال ما أرادوا ، فكانت نتائج مجلس الإدارة بحجم ما تطلع إليه الكل، وكانت أرباح الشركة _المهددة سابقا بالإفلاس~ بحجم الجهد المبذول والأرباح المحققة (300 مليار خلال سنتين) .
غادر الوزير المختار ولد أجاي المنصب قبل إكمال سنتين من تسيير مختلف للشركة، ولكن الاداري المدير العام المهندس محمد فال ولد أتليميدي واصل ضبط الإيقاع ، وحمل على عاتقه مسؤولية توطين الإصلاح وتعزيزه، والرفع من مستوى الأداء والإبقاء على العلاقة مع العمال قائمة، ليعزز مساره بمواقف أرضت الأغلبية والمعارضة فى انتخابات مايو 2023 وذلك عبر إلزام العاملين فيها بالابتعاد عن التجاذبات السياسة والإبقاء على الشركة كمؤسسة عمومية خادمة لإقتصاد البلد دون تفريط فى مصالح العاملين فيها .
عاشت الشركة الوطنية للصناعة والمناجم أسوء أيامها سنة 2015 بفعل الإضراب القوى الذى شل أبرز مرافق الإنتاج وخطوط النقل والمراقبة والتسيير ، ومع حراكها الممتد لشهرين ، دخلت ولاية تيرس زمور فى ركود غير مسبوق، وطرحت لأول مرة أسئلة المستقبل بإلحاح داخل كل بيتي حاصرته الديون، وشق على القائمين عليه القبول بواقع الشركة الحالى ، رغم حجم الضغط الممارس والتصعيد الذي آلت إليه علاقة الإدارة والعمال.
شكل تدخل عمدة ازويرات ساعتها الشيخ ولد أحمد ولد بايه نقطة تحول فى مسار القضية، وقد تمكن بعد حوار مفتوح مع العمال والسلطة من إنهاء الإضراب الأقوى بتاريخ الشركة، بعدما فشلت الحلول الأمنية والضغط السياسى الذى حاول النظام القيام به لتركيع العمال المضربين من مجمل الورش.
لقد نجح العمدة الشيخ ولد بايه ساعتها فى إنقاذ الشركة والمدينة واقتصاد البلاد، بعدما فشلت كل المساعى التي قادها وزراء الطاقة والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية، والحلول التصعيدية، كقطع الرواتب عن أكثر من ثلاثة آلاف عامل ،وتجويع الأطفال للضغط على الآباء المنخرطين فى إضراب تقول الحكومة بعدم شرعيته وتهتف حناجر المضربين بأنه الخيار الوحيد المتاح ،فى ظل رفض الإدارة تلبية المطالب المطروحة،بحجة تراجع أسعار الحديد.
لقد شكل إضراب 2015 مرحلة مهمة فى تشكل وعي مغاير بمكانة الشركة فى الذاكرة الوطنية وأتاح فرصا أكبر لمراجعة المواقف وبناء الرؤي والتصورات ، ثم كانت السنوات الأخيرة مكرسة لذلك التصور ،بحكم نجاعته وضبطه لإيقاع العمل دون تضييع لحقوق الشغيلة أوًتفريط فى مصالح الشركة أو إخلال بالنظام العام أو إرباك لصانع القرار.
#زهرة_شنقيط
#تابعونا