صيف ساحن بموريتانيا : زعيم المعارضة فى مواجهة الرئيس (تقدير موقف)

يتجه قادة حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية المعارض (تواصل) إلى الدفع بزعيم المعارضة الموريتانية ، رئيس حزب تواصل العلامة أمادي ولد سيد المختار كمرشح للإنتخابات الرئاسية القادمة فى مواجهة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى، فى تطور لافت داخل الساحة المحلية بموريتانيا.


 

وتشير تقديرات اعتمدت عليها زهرة شنقيط إلى قرب الإعلان عن ترشيح الحزب لرئيسه، بعدما فشلت الأطراف المعارضة فى التوصل إلى اتفاق نهائى بشأن مرشح مشترك، ورفض عدد من رموز الحزب مقاطعة الإنتخابات القادمة، أو الذهاب للحياد، أو دعم مرشح من بين الأسماء المتداولة فى الوقت الراهن.

 

ومن المتوقع أن يعلن المكتب التنفيذى لحزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية (تواصل) ترشيح الرئيس أمادى ولد سيد المختار لمنصب رئيس الجمهورية قبل يوم الخميس القادم، وهو مايدفع بالحراك الداخلى إلى أخذ شكله النهائى، مع بداية مراجعة اللائحة الإنتخابية بموريتانيا.

 

وخاض حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية معركة داخلية من أجل جمع المعارضة على مرشح مشترك من داخل المعارضة أو خارجها، لكن مساعيه لم تثمر، فى ظل إصرار رموز المعارضة الشباب على الترشح للرئاسيات القادمة (العيد ولد محمدن/ أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا/ نور الدين محمدو/ أوتوما سوماري)، وإعلان رئيس حركة إيرا هو الآخر ترشحه للإنتخابات القادمة.

 

ويعتقد عدد من رموز الحزب الذى يتولى قيادة المعارضة فى الوقت الراهن، أن المقاطعة فى ظل الشراكة باللجنة المستقلة للإنتخابات (جهة الإشراف) والمجلس الدستورى (جهة التحكيم) أمر غير ممكن، وغير أخلاقى، وأن موقف الحياد ضعف، ويتنافى مع ثقافة الحزب وتاريخه، والإستثمار فى مرشح مفضول من الأسماء المتداولة هو استثمار فى المجهول، وتبديد للوسائل وهدر لطاقات الحزب وتشتيت لجمهوره، بحكم ضعف أوزان أغلب المرشحين المشاركين فى انتخابات الرئاسة حاليا، وغياب أرضية مشتركة مع البعض الآخر، والتجارب المريرة للحزب مع المرشحين من خارجه، ناهيك عن الموت السريري لبعض الأحزاب المعارضة.

 

وتنظر قيادات بارزة فى التيار الإسلامى إلى إعلان النائب البرلمانى العيد ولد محمد ترشحه للإنتخابات الرئاسية بأنه استمرار لحملة السلطة الرامية إلى تقزيم رئيس حركة إيرا بيرام ولد الداه ولد أعبيدى، وخلق بديل من مجموعة لحراطين لأجندة داخلية. ويعتقد هؤلاء أن قوف الحزب إلى جانب الأول، هو تنفيذ لأجندة السلطة، وإضعاف لطرف معارض دون مبرر. بينما لايميل أغلب جمهور الحزب ورموزه إلى الشراكة أو حتى مجرد التفاوض مع بيرام ولد أعبيدي حول الإنتخابات الرئاسية القادمة، بحكم المعلوم عنه من المواقف العدائية سابقا للحزب ورموزه، ومرجعيات البلد الدينية، وعلاقاته غير الودية بالكتلة البرلمانية للحزب فى الوقت الراهن.

 

كما أن الأزمة التي يمر بها حزب التكتل، والوضعية الراهنة لحزب التحالف، وأزمة قوى التقدم وبعض الأطراف المعارضة، أشياء قلصت من مساحة التحرك داخل الطيف المعارض، ودفعت ببعض الشخصيات الوطنية إلى الإحجام عن التعامل مع ساحة غير مستقرة بالمرة.

 

ويستحضر بعض رموز التيار الإسلامى تجاربهم المريرة مع بعض المرشحين من خارج الفضاء الإسلامى، حيث كانت تجربتي 2003 و2007 فرصة لبعض الأطراف المحلية للنيل من التيار و الحزب، واتهام بعض قادته ومناضليه بالعزوف عن دعم المرشح محمد خونه ولد هدياله ضد معاوية ولد الطايع لأسباب تاريخية ، والمرشح صالح ولد حننا ضد مرشح العسكر ساعتها سيدى ولد الشيخ عبد الله ، لأسباب جهوية محضة، دون النظر إلى الفارق بين تعبئة الحزب لجمهوره من أجل مصالحه الخاصة وشخصياته المعروفة للساحة الإٍسلامية، وقدرته على تعبئة الجمهور للآخرين. بينما كانت تجربته 2019 أقل ضررا، لكنها كانت قاصرة على إزعاج السلطة ومرشحها، ومد يد العون لرمز من رموز الأنظمة السابقة، لم يتمكن من الصبر لسنة واحدة داخل الطيف المعارض، باحثا عن مكانة فى الجهاز التنفيذى، وتاركا الحزب والإتفاق المشترك معه خلف ظهره، لأسباب بعضها يتعلق بالمرشح والبعض يتعلق بداعميه.

 

ويراهن الحزب فى اختيار رئيسه أمادى ولد سيد المختار كمرشح لمنصب رئيس الجمهورية على المكانة التي يحظى بها الحزب فى الساحة المحلية خلال السنوات الأخيرة (المرتبة الثانية)، والتصويت العقابى المحتمل ضد مرشح السلطة فى ظل الأوضاع المعيشية الصعبة لبعض المواطنين، والتحديات الأمنية الخارجية، والمشاكل الناجمة عن حرب الأغلبية الداخلية (تسيير ملف العشرية والتوازنات المفقودة فى بعض التعيينات الحكومية، وتعثر بعض المشاريع الخدمية، وضعف المؤسسات المعنية بالحياة اليومية للمواطنين (الكهرباء والماء)، مع وضوح خطاب الرجل فى مواجهة السلطة، والمكانة التى يحظى بها بين النخبة الفاعلة فى الحزب، والنظرة الإيجابية التى يتمتع بها من قبل جمهور الملتزمين بالحزب وخطه.

 

ويعتبر العلامة أمادى ولد سيد المختار من رموز التيار الإسلامى البارزين خلال العقود الأخيرة، وأحد أبرز المرجعيات الشرعية بالحزب قبل توليه قيادة الحزب فى المؤتمر الأخير، بحكم ثقافته العالية فى مجال الفقه المالكى، مع دوره الجيد داخل البرلمان خلال الإنابة الماضية، وهو ينتمي لنفس الولاية التى ينحدر منها رئيس الجمهورية (لعصابة).

 

متابعة زهرة شنقيط