نذر فضيحة أخلاقية تقوض مصداقية الدولة بالحوض الغربي

قالت مصادر محلية ببلدية أم الحياظ بولاية الحوض الغربى إن عملية التحقيق التي جرت في مقتل الشاب "ابراهيم ولد لحوار" شابتها خروقات كبيرة، وإن نذر فضيحة من العيار الثقيل بدت تتدحرج ككرة الثلج بعد اكتشاف ضعف الرواية الأمنية لما حصل خلال الساعات الأخيرة.

 

فبعد الاتصال بعدد من سكان المنطقة قامت به زهرة شنقيط، وبعد الاستماع إلي رواية سكان "الملزم" و"بوتويريكه" تبين ضعف الرواية التي تداولها الإعلام نقلا عن جهاز الدرك، وبدت خيوط اللعبة أكثر من واضحة – كما يقول السكان المحليون- ، وسط دعوة لفتح تحقيق جاد في الجريمة التي راح ضحيتها شاب في الثلاثينيات من عمره، يواجه فيها آخر ظروفا بالغة السوء من أجل اجباره على الاعتراف بالوقوف خلف الجريمة، بعد أن كيفتها أوساط قبلية ضده في الساعات الأولي، وساقت عناصر الدرك إلي فهمها دون بينة فى مشهد مثير للاستغراب.

 

بداية الخيط

 

يوم ... اتصلت بعض أهالي "الملزم" علي بعد 17 كلم من مركز البلدية (أم الحياظ) بالمقاطعة للتبليغ عن جريمة قتل بشعة راح ضحيتها شاب في الثلاثينيات من عمره، بعد أن وجد مقتولا قرب ذويه.

 

تصدر أوامر من الجهات الإدارية لفرقة الدرك بمقاطعة لعيون من أجل التحرك في الصباح الباكر مع سيارة اسعاف لجلب الضحية من أجل تشريحه، ومعاينته من قبل وكيل الجمهورية بالولاية.

 

ينقطع الاتصال بالوحدة العسكرية إلي غاية التاسعة ليلا، لتبلغ الجهات الإدارية والقضائية عبر اتصال هاتفي رديء من ضواحي "أم الحياظ" بأنها أرسلت زوجة القتيل في سيارة الإسعاف، وقامت بدفن الضحية في مكان الحادث بعد معاينته، وإن "القاتل" المفترض في الطريق مع عناصر من جهاز الدرك.

 

كانت كل الأمور تشير إلي سير الأمور بشكل روتيني ، وكانت معالم الجريمة في طريقها للإتضاح كما يقول أكثر من مسؤول بالحوض الغربي، لكن الأيام الأخيرة حملت الكثير من الأخبار الغريبة عن الحادث.

 

كيف تم التلاعب بالتحقيق؟

 

تقول رويات عديدة اعتمدت عليها زهرة شنقيط إن عناصر الدرك وصلوا حدود العاشرة لمكان الجريمة قرب "الملزم" ، وهي منطقة يوجد بها مكتب تصويت اغلب المصوتين فيه من البدو الرحل، وإن عناصر الدرك ابلغوا فور وصول المكان بأن القاتل معروف من آثاره، رغم تردد أبرز الأشخاص المعروفين محليا بمعرفة آثار الماشية والبشر.

 

عاين عناصر الدرك جثة ولد لحوار، وأمروا بدفنه.

 

لم يستجوب سكان الحي الذي يقيم فيه أو الرجال الذين دخلوا معه خلال الأسابيع الماضية فى خلاف، رغم أن بعض شجارات القتيل تحولت إلي حرب بالأسلحة البيضاء قبل أقل من شهر مع شخص من أبناء المنطقة، يتهم هو الآخر – كما الضحية- بأنه علي علاقة غير شرعية بزوجته "مريم بنت حمود" الملقب القوراسي.

 

طلب من عناصر الدرك وقائد الوحدة الاستراحة في انتظار جلب الجاني المفترض، لقد تم تحديده من قبل جماعة الحي أو أقارب الضحية علي وجه الخصوص، إنه الشاب "حماه ولد ساعود"  الشخص الوحيد الذي لاينتمي إلي المجموعة القبلية، لكنه يقطن فيها منذ 20 سنة كراعي للإبل والغنم.

 

ينحدر "حماه ولد ساعود" من أسرة تنتمي في الأصل لشريحة "لحراطين"، لكن والده تحول إلي جزء من النسيج الإجتماعي للمنطقة بفعل المساكنة والمصاهرة بعد أن تزوج من احدي بنات المنطقة قبل 40 سنة، ومنها رزق "حماه ولد ساعود" و"أكجيميله" ومحمد"..

 

تحرك أقارب الضيحة لجلب الجاني المفترض – وبينهم شخص سبق وأن تقدم القتيل بشكوى منه بتهمة ربط علاقة بزوجته قبل سنتين- ، واستظل عناصر الدرك باحدي الخيام، حيث ذبحت شاة وتناسي الجميع همومه فى انتظار الإمساك بالقاتل المحدد دون شاهد أو زيارة فى الفترة الأخيرة أو مشاكل غير الاتهام الذي اتهم به سنة 2011 بأنه كان علي علاقة بزوجة القتيل.

 

امسك الرجال بحماه ولد ساعود فى منطقة نائية (أطراف التيارت)، وأذاقوه كل أصناف العذاب، لقد حاولوا أن يجبروه علي الاعتراف بأن ليلة مبيته عند أسرة "أهل أمشيش" ليلة وقوع الجريمة لم تكن سوي تمويها منه، وإنه نفذ جريمته وعاد إلي الأسرة ، رغم بعد المسافة ووجود أكثر من شاهد علي أنه نام علي فراش "أهل أمشيش" في وقت متأخر، وفى نفس الفراش صلي صلاة الصبح من دون وضوء مثل العشرات من أقرانه.

 

تسلم عناصر الدرك "حماه ولد ساعود" في المساء من قبل أقارب الضحية، وكانت ملامح وجهه تشي بتفاهة القوانين المجرمة للتعذيب بموريتانيا، لقد تحول الشاب إلي ملهاة بيد أقارب القتيل بتفويض من جهاز الدرك، وغياب تام لدولة القانون.

 

لم يكن "حماه ولد ساعود" يمتلك أي سلاح ، ولم يشتهر بامتلاك السلاح أو استخدامه، فالشاب الذي ينتمي لأسرة فقيرة من الأرقاء السابقين ، عاش حياته منشغلا برعي الأغنام والإبل، لكن المخرج تلمسه أقارب القتيل سريعا وبمساعدة من جهاز الدرك، لقد تم سحب سلاح "أقرينات ولد الفراح" الذي كان عند نجله ليلة وقوع الجريمة، لقد كان نجل ولد الفراح يقضي ليلته عند "أسرة أهل أمشيش" مع حماه ولد ساعود"...

 

يضغط أقارب الشاب الموقوف من أجل منعه من الذهاب للسجن ، ولكن يضغط أقارب الضحية من أجل انتزاع شهادة تقول بأن "حمه ولد ساعود" أخذ سلاح "ولد الفراح" دون علمه، وإنه نفذ به الجريمة وأعاده إلي وضعيته السابقة دون اشعاره. لكن "ولد الفراح" لايزال يصر علي أن سلاحه لم تطلق منه رصاصة.. فبأي سلاح قتل الضحية.. لغز لم تتمكن وحدة الدرك من حله قبل احالة الملف للقضاء.

 

أدلة اثبات مثيرة تحتاج إلي اثبات !!

 

تعتمد الأجهزة الأمنية وأقارب الشاب القتيل علي روايتين الأولي للسيدة التي ادعت أول الأمر أن زوجها غادر الفراش إلي وجهة غير معلومة ، وإنها لما طال انتظاره قررت الذهاب إلي أسرة أهله للمبيت عندها فى انتظار معرفة الأزمة ، لقد كانت تفكر فى مغادرة المنطقة إلي ذويها وهي غاضبة من سلوكه الذي ينم عن جفاء عاطفي، لقد كانت تتوهمه داخل الأحياء المجاورة لها في سلوك مشين دأب عليه بعض أقرانه.

 

أما الرواية الثانية والتي بدت عماد تحقيق جهاز الدرك، فهي أن "حماه ولد ساعود" طلب منه الذهاب معه إلي منطقة قريبة من الحي، بعد أن نام في فراشه، وأنه ذهب معه، لكنه لم يعد!..

 

فهل قرر ولد لحوار الذهاب مع "حماه ولد ساعود" ليلا إلي منطقة معزولة وهو الذي كان يتهمه قبل أربع سنوات بأنه خدن زوجته دون معرفة سبب الدعوة؟! وهل كان "حماه ولد ساعود" ليتوجه إلي منزل الشاب من أجل قتله دون أن يحمل سلاحه في يد مقتنعا بأن الضحية سيذهب إلي المكان الذي خزن فيه السلاح من أجل أخذ الرصاصة القاتلة؟ أم أن ولد لحوار تختطفه رصاصة شخص آخر من أطراف الحي بعد أن غادر فراشه إلي احدي الخيام المجاورة؟ وبعد أن وقعت الجريمة تحتم علي أبناء الحي الواحد احتواء الأزمة بتحميلها لقاتل مفترض من خارج القبيلة؟

 

ولماذا لم يستدع  جهاز الدرك الأشخاص الثلاثة الذين سبق أن أتهمهم الضحية بأنهم كانوا علي علاقة بزوجته واثنين منهم كانت اتهامهم أكثر قربا من اتهام ولد ساعود قبل أربع سنوات؟

 

ولماذا لم يستدع وكيل الجمهورية أسرة "أهل أمشيش" للاستماع إليها؟

 

ولماذا دفنت الجثة دون معاينة من طرف وكيل الجمهورية؟

 

وكيف قبل عناصر الدرك بتحديد أقارب القتيل للقاتل دون تحقيق، وانتظار تسليمه بهذا الشكل المقزز؟

 

وهل كان ولد "لحوار" علي خلاف مع أحد أبناء الحي الذي يقيم فيه؟ وهل تخطفته رصاصة متهم له هو الآخر بتصرف مشابه؟

 

سلسلة من الأسئلة لم تجب عليها وحدة الدرك، وتحتاج إلي تحرك من القضاء، وفي حالة خضع الجميع لضغط القبيلة، سينال ولد "ساعود" حكما مشددا باعتباره الحلقة الأضعف، لقد توفي شقيقه قبل فترة، ومات والده وهو كفيف، ولاتتمتع أخته بقدر كافي من العقل لتقف إلي جانبه، إنه فعلا "المشجب" الذي ق تعلق عليه مجمل جرائم المنطقة الآن في ظل غياب دولة القانون.