تلبية لدعوة كريمة من جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم، حضرت الندوة العلمية حول إصدار الجمعية "منهج الإصلاح الذي ندعو إليه" المنظمة مساء اليوم الأحد العاشر من نوفمبر، وكانت فرصة للإطلاع على وثيقة منهجية هامة شملت المنطلقات والمرجعيات والمفاهيم والمواقف، وقد اتسمت هذه الوثيقة بقدر من التماسك والثراء، وشكلت إضافة حقيقية للنقاش العمومي حول الإصلاح ومدارسه وسبله.
حضرتني ملاحظات عجلى في هذه المناسبة:
1 - وردت فقرة أثناء الحديث عن الجهاد تقول "وأما جهاد الطلب وهو الهجوم على العدو ومباغتته في أرضه بهدف نشر الدعوة أونصرة المستضعفين أوتأمين حرية الدعوة" وهي فقرة تثير التباسا كبيرا خصوصا أنها اعتبرت "نشر الدعوة" أول أهداف جهاد الطلب هذا!
ولكن مداخلة قوية جمعت بين قوة الحجة وجمال البيان للشيخ محفوظ ولد ابراهيم فال، أعادت الأمور إلى نصابها وصححت المفاهيم، وذكرت الحرية بخير والإكراه بشر.
2 - كانت مداخلة الشيخ عبد الله ولد أمين موفقة، خصوصا أنه شخصية علمية ودعوية وازنة ذات منهج سلفي علمي، وأثنى على تعاون العاملين للإسلام والتركيز على مايجمعهم، ولكن الصورة ستكون أجمل وأكمل لو دعت الجمعية ممثلين عن التصوف، فلو تحدث أحدهم حديث الجمع والائتلاف - وفيهم من يتقنه ويخدمه - من منبر الجمعية وهي تعرض منهجها، لكان الحديث عن تعاون الجماعات الإسلامية أبلغ وأشمل.
3 - كانت الندوة رجالية خالصة مضمونا ومتحدثين ومدعوين، وهو ما دفعني لسؤال بعض المحاضرين وبعض مسؤولي الجمعية: هل المرأة معنية بهذا الاصلاح الذي تدعون إليه؟
العمل الإسلامي يسجل تراجعا مقلقا في موضوع المرأة حضورا ودورا وشراكة، فهل من منتبه.
4 - أفهم حساسية جمعية المستقبل من اللغة الفرنسية - والفهم ليس قبولا ولا اقتناعا - ولكن منهجا يتضمن توصيفا للهوية بمكوناتها الثلاثة ( الإسلام - اللغة العربية - اللغات الوطنية الأخرى البولارية والسنكية والولفية) يعرض في احتفالية لم تسمع فيها أي من اللغات الثلاث، تستطيع جمعية المستقبل أن تتلافى النقص بتنظيم ندوة علمية ونقاشية بنفس المكونات، محاضرين عن المنهج ومدعوين وعشاء مناسب، وتكون باللغات الوطنية الثلاث.
وفي الأخير كل التهنئة لجمعية المستقبل على إصدارها المتميز الذي أرجو أن يكون سببا لمزيد من النقاس حول مواضيع الإصلاح الإسلامي، ليفتح ذلك النقاش الباب أمام المراجعات الضرورية التي يحتاجها الفعل الإسلامي المعاصر.