لم تعد مجرد شركة عاجزة عن القيام بالدور الخدمي المنوط بها، بل باتت أبرز مصادر القلق لدى النخبة السياسية الداعمة لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ، ومصدر فسحة لمعارضيه من أجل التشفي والتحامل على الواقع غير المقبول للشركة، واستغلال تراكمات الواقع الداخلي للمؤسسة من أجل الإساءة لجهود الإصلاح والتغيير المقام بها في أكثر من مجال. وسط عجز فاضح للطواقم الإدارية المكلفة بتسيير مراكز الشركة بالداخل ومصادر الإنتاج وخطوط التوزيع ، واحتكارهم المطلق لمجمل المناصب الأساسية بالشركة ، بفعل اقتصار التعيينات الداخلية علي النخب الفاعلة فيها ، والذين يعود اكتتابهم في الغالب الأعم لعقود الضعف، والإكتتابات المباشرة من قبل الأجهزة الممسكة بزمام الأمور ، وثقافة التسيير الغامض للمرفق العمومي.
سكان مدن رئيسية كالنعمة وتمبدغه ولعيون وكويتي وأطويل ومكطع لحجار والقدية وأكجوجت يكابدون حر الصيف، ونقص المياه الحاد، بينما يكتفي المدير العام للشركة ومعاونيه بالصمت المريب تجاه الواقع المر، تاركين للجهات الإدارية والسياسية مواجهة الواقع دون حلول سريعة، أو تبرير لمظاهر التقصير أو تحمل للمسؤولية، أو تقاسم المعلومات علي أقل تقدير مع صناع الرأي وقادة المشهد الداعم لرئيس الجمهورية، وهم يواجهون أسئلة الكل دون إجابة أو توضيح أو اعتذار أو آجال زمنية يمكن الحديث عنها.
فى أكجوجت خرج النائب عن حزب الإنصاف سيد أحمد ولد محمد الحسن (الدويري) عن الصمت ، وحذر من خطورة الواقع، مطالبا بإجراءات سريعة فى مجال الكهرباء، وقبلها طرح ملف المياه بقوة، وخطوط الشبكة التالفة واستنزاف المياه العذبة من قبل شركات التعدين ، وأنتقد كذلك صمت الجهات المسؤولة محليا وعجز الشركة القابضة علي أرض إينشيري ، والتي باتت عنوانا للنهب المسموح به وفق النصوص القانونية ، وغير المسموح به وفق الأعراف والتجارب المماثلة لثروات المنطقة دون خدمة يمكن الحديث عنها بشكل واضح للسكان.
وفى الشرق الموريتاني تحرك النائب عن حزب الإنصاف الحاكم ورجل الأعمال البارز عمار ولد أحمد سعيد في لعيون (دائرته الإنتخابية) وكربتي (حاضنته الإجتماعية) والطينطان (مسقط رإسه) وأطويل بحكم الجيزة والإحساس بالألم الذي يعيشون، معلنا التكفل بسقاية مجمل الأحياء المتضررة من العطش في الأولي (لعيون) ومتبوعا بمليون أوقية لكل مقاطعة من أجل توفير المياه في الصهاريج للعطاش من سكان المقاطعات الثلاثة الأخري.
وفى النعمة يواجه السكان نقص المياه الحاد بالصبر تارة والضجر تارة أخري، بينما عادوا في تمبدغه للمياه غير الصالحة للشرب، وطرق أبواب الإدارة من أجل تفسير للواقع الذي يعيشون فيه، لكن الإدارة الإقليمية غائبة ومواكبتها لحراك العطاش شبه معدوم، وكأن المناطق التي تشكوا من ألم العطش في الصيف غير خاضعة لسلطان حكام وولاة كانوا محل تذكير وتنبيه قبل أسابيع من طرف صاحب القرار الأول والأخير في البلد .. إنه ضعف الإحساس الذي يضرب عصب الإدارة الموريتانية وانشغال البعض بالقادم المجهول (2029) قبل الحاضر المعاش (2025).
صحيح أن جهود وزارة المياه والمشاريع الكبيرة التي أطلقت الحكومة الجديدة قبل أشهر بدأت تثمر في العاصمة نواكشوط وانواذيبو والضفة وتقترب الإجراءات المقام بها من منح الأمل لسكان لعصابه و190 قرية بثلاث ولايات داخلية ضمن المشروع الممول من الإمارات العربية ، وأن شركة أسنيم تبدع في مجال كشف المجهول في الشمال وتوفير المياه بخط السكة بعد عقود من العطش ، وأن 178 شبكة مياه جديدة ستنفذ ضمن البرنامج الذي أقرته الحكومة قبل أسابيع، وأمر صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني بتنفيذه بأسرع وقت ممكن، لكن صحيح كذلك أن ضعف الإدارة الإقليمية وغياب الرقابة علي المشاريع الحكومية ، والغش الذي دمر العديد من المشاريع الإستراتيجية في السابق، وغياب ثقافة المبادرة وإطلاق أنشطة مصاحبة من قبل الذراع السياسي للنظام ؛ كلها أمور تجعل الألم يتضاعف والثقل يزداد علي بعض دوائر الحكومة ، بينما يتفرج البعض الآخر ، ربما في انتظار اللحظة المناسبة لإعلان فشل الخطط الحكومية الموجهة لقطاعات حيوية وحساسة ، تقديم النفس كبديل عن النظام ككل، بدل المسارعة لمساعدته وتقليل الخسائر المعنوية الناجمة عن ضعف بعض المؤسسات الخدمية، خصوصا في أوقات الذروة التي يشتد فيها الطلب علي المياه والكهرباء .
#زهرة_شنقيط
#تابعونا