حزب العدالة والتنمية يطالب بمراجعة المسار الديمقراطى بالمغرب ويتهم الحكومة بالفشل (بيان)

أربعاء, 10/01/2025 - 12:48م

 

 

بيان الواجب والمصلحة الوطنية

على إثر التطورات الخطيرة والمقلقة التي عرفتها بعض المدن على هامش احتجاجات شباب "جيل Z"

 

على إثر التطورات الخطيرة والمقلقة التي عرفتها بعض المدن على هامش احتجاجات شباب وشابات "جيل Z"، نظمت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اجتماعا مستعجلا واستثنائيا ليلة الثلاثاء 07 ربيع الثاني 1447هـ الموافق لـ 30 شتنبر 2025م، برئاسة الأخ الأمين العام الأستاذ عبد الاله ابن كيران، تداولت فيه بكل وطنية ومسؤولية حول مجريات ومآلات هذه الاحتجاجات، بالنظر لما سُجِّلَ على هامشها  من انفلاتات وانزلاق نحو العنف والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة في بعض المدن، وما رافقها من مواجهات بين بعض المتظاهرين ورجال الأمن وتعنيف واعتقالات في صفوف المحتجين.

 

وعلى إثر هذا الاجتماع، وجه الأخ الأمين العام للحزب الأستاذ عبد الاله ابن كيران -في نفس الليلة وبعد منتصف الليل- نداء وطنيا صادقا ومسؤولا إلى الشباب يُذَكِّرُهُمْ فيه بمواقف الحزب المُتَفَهِّمَة لاحتجاجاتهم ومطالبهم المشروعة، ويدعوهم من خلاله إلى التهدئة ووقف هذه الاحتجاجات بالنظر لهذه التطورات الخطيرة ولكون المقصود المشروع من هذه الاحتجاجات قد حصل.

 

وقياما بواجبها الوطني في التنبيه إلى خطورة هذه التطورات وضرورة احتوائها، ومساهمة منها في استيعاب هذه الموجة من الغضب الشبابي وإيجاد مخرج سياسي مسؤول ومتوازن ومنتج يعالج موضوع الاحتجاجات، ويحافظ في نفس الوقت على الأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما بلادنا بفضل الله عز وجل، ثم بالقيادة الحكيمة لجلالة الملك حفظه الله، وبمساهمة والتزام المخلصين من أبناء وبنات هذا الوطن، تؤكد الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية على ما يلي:

 

أولا- اعتبارها أن هذه الاحتجاجات تجد لها أساسا في الفشل والاختلالات الكبيرة التي تطبع التدبير الحكومي الحالي، ولاسيما في قطاعات التعليم والصحة والشغل والثقافة والشباب...، وتذكيرها في هذا الصدد بالمواقف المتواترة للحزب، والذي ما فتئ خلال أربع سنوات من عمل الحكومة الحالية يدق ناقوس الخطر وينبهها -مرارا وتكرارا- عبر العديد من البلاغات والندوات والفعاليات السياسية إلى الاختلالات الكبيرة التي تطبع تدبيرها للعديد من القطاعات الحيوية، والمتمثلة في التخبط والتعثر في إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي؛ وخوصصة وتسليع الخدمات الصحية، وتهميش القطاع الصحي العمومي في شقه التكويني والخدماتي؛ وإقصاء ملايين المواطنين والمواطنات من التغطية الصحية الإجبارية؛ والتأخر في بلورة برنامج جديد لتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وغياب العدالة في برامج التأهيل الحضري وفي توزيع مختلف البنيات التحتية والمرافق والخدمات العمومية؛ والعجز عن الوفاء بوعدها بجعل موضوع الشغل على رأس أولويات العمل الحكومي؛ وتشجيعها لسياسة ثقافية وخاصة تلك الموجهة للشباب تكرس التفاهة والابتذال والتمييع، وتعتمد على ترميز نماذج تافهة ومبتذلة والتمكين لها عبر المال والإعلام العمومي والمهرجانات العمومية، في محاولة لإلهاء الشباب وخلق جيل شبابي مقطوع عن قضايا وطنه وأمته ودفعه للعزوف وعدم الاهتمام بالشأن العام؛ وتفشي استغلال النفوذ لخدمة المصالح الشخصية والحزبية، واعتماد تشريعات وامتيازات مالية وضريبية على مقاس هذه المصالح، وتكريس الريع وتضارب المصالح في الاستفادة من الاستثمارات والصفقات العمومية والشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ وتوقيف ورش محاربة الفساد من خلال سحب وتعطيل القوانين واللجان الحكومية ذات الصلة، والهجوم على الهيئات الدستورية للحكامة الجيدة وتجاهل ملاحظاتها وتوصياتها؛ وتكريس نهج التعالي والانفرادية وعدم احترام المنهجية التشاورية في بلورة قوانين ذات طبيعة استراتيجية وأساسية في ضمان الحقوق والحريات الدستورية وشروط المحاكمة العادلة ومحاربة الفساد؛ وتفشي ظاهرة الزبونية والمحسوبية والحزبية في التوظيفات والمباريات والتعيينات في المناصب العليا، وعدم مراعاة معايير الكفاءة والشفافية وتكافؤ الفرص...

 

ثانيا- تحميلها في هذا الصدد الحكومة المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأوضاع اليوم بسبب ضعفها وعجزها وصمتها وتجاهلها لمختلف التنبيهات بخصوص هذه الاختلالات وغيرها، وتعاملها بتعال وضيق أفق وترويجها لمنجزات وأرقام لا يجد لها المواطن صدى على أرض الواقع ولاسيما في القطاعات ذات الصلة بهذه الاحتجاجات الشبابية، وتنصلها من المسؤولية عبر الهجومات المتكررة على المعارضة وعلى حزب العدالة والتنمية بالخصوص، وعودتها في كل مرة إلى أسطوانة الحكومات السابقة أو ما تسميه "التراكمات والإشكالات التي تعرفها هذه القطاعات منذ عقود"، وهو ما كررته للأسف رئاسة الأغلبية -في غياب المؤسسة الحكومية- في آخر اجتماع وبلاغ لها بشكل ومضمون يفتقد للحد الأدنى من الحس والمسؤولية السياسية والوطنية، كل ذلك في الوقت الذي ضيعت فيه الحكومة أربع سنوات من الزمن الحكومي وهي اليوم قد أشرفت على نهايتها، ومع العلم أنها تضم داخلها أحزابا تحملت المسؤولية الحكومية ولعقود وبالخصوص في القطاعات الحكومية موضوع هذه الاحتجاجات.

 

ثالثا- تأكيدها من جديد على الشباب ودعوتهم للحرص على احترام الدستور والثوابت الوطنية الجامعة والتقيد بالقانون، وممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات، وهو ما يفرض عليهم عدم الانزلاق إلى العنف، والحفاظ على سلميّة التظاهرات، ومراعاة حرمة الممتلكات الخاصة والعامة والسير العادي للمرافق والخدمات، وتجديدها وتأكيدها للنداء الذي وجهه لهم الأخ الأمين العام للحزب بتوقيف هذه التظاهرات بالنظر للتطورات الأخيرة، وباعتبار أن رسالتهم قد وصلت وبلغت مداها وأنها ستجد لها مخرجا سياسيا عبر المؤسسات الدستورية المخولة.

 

رابعا- دعوتها السلطات العمومية للحرص على احترام حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي التي يضمنها الدستور، وإعمال معايير الحكامة الأمنية، والتعامل ِبَرِوِيَّةٍ وبحكمة مع هذه الاحتجاجات وبالطريقة الوطنية والاستيعابية المألوفة، التي تجمع بين احترام الحقوق والحريات الدستورية والحفاظ على أمن وسلامة الأرواح والممتلكات، ومطالبتها في هذا الصدد ووقفا للتصعيد وسعيا لتهدئة الأوضاع إطلاق سراح كل المعتقلين الشباب المتابعين على خلفية المشاركة في هذه الاحتجاجات، والذين لم يثبت في حقهم القيام بأعمال تخريبية مخالفة للقانون.

 

خامسا- تأكيدها أن الوقت قد حان لمراجعة صادقة وحقيقية لمسارنا الديمقراطي والتنموي بهدف تكريس مصداقية وجدية اختيارنا الديمقراطي وعدالة مسارنا التنموي، ودعوتها في هذ الصدد الدولة والأحزاب وعموم المواطنين والمواطنات إلى الانخراط في مسار سياسي جاد ومسؤول وفتح نقاش عمومي يُشْرِكُ كل الأطراف ولاسيما الشباب منهم من أجل استيعاب سياسي لهذه التظاهرات والاحتجاجات، وبلورة منفذ ومخرج سياسي لها عبر إطلاق دينامية سياسية ونقاش وطني يوفر الأجواء السياسية والديمقراطية المواتية ويحقق انفراجا سياسيا وحقوقيا شاملا، يُتَوَّجُ بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة تمكن من اختيار مؤسسات منتخبة حقيقية قوية وذات شرعية وقادرة على استيعاب انتظارات المواطنين والمواطنات وخصوصا الشباب منهم، ومعالجة مختلف الاختلالات القطاعية والفوارق الاجتماعية والمجالية ومحاربة الفساد والريع وتضارب المصالح، وتكريس التوزيع العادل للثروة وللفرص الاستثمارية وللبينات التحتية العمومية، بما يفتح باب الأمل والمستقبل أمام الشباب وأمام عموم المواطنين والمواطنات ويضمن الأمن والاستقرار والتنمية البشرية المستدامة.

 

وختاما، وبالنظر لهذه التطورات المتسارعة والخطيرة، ووعيا منها بمكانة الحزب وأدواره ومواقفه الوطنية الثابتة في الحفاظ على الاستقرار والمساهمة في الإصلاح، تُذَكِّرُ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عموم مناضلي ومناضلات الحزب والمتعاطفين معه بواجب الالتزام بقرارات الحزب وبالعمل الحزبي والمؤسساتي ومواصلة الدينامية السياسية والنضالية من داخل المؤسسات الوطنية الرسمية في البرلمان والجماعات الترابية ومن خلال الهيئات الحزبية المركزية والمجالية والموازية والقيام بواجب تأطير المواطنين والمواطنات والدفاع عن حقوقهم المشروعة.

 

الرباط، الأربعاء 08 ربيع الثاني 1447هـ الموافق لفاتح أكتوبر 2025م

 

الإمضاء

الأمين العام 

ذ. عبد الاله ابن كيران

آوكار نيوز

تابعونا على الفيس بوك