اظهرت فرنسا (هولاند) حفاوة كبيرة بالرئيس المالي ابراهيم بوبكر كيتا، بعد أسبوعين من اعلانها دعم مالي بمبلغ ناهز 300 مليون دولار، لتنمية مالي بعد ثلاث سنوات من الصراع الخارجي علي أراضيها.
الرئيس الفرنسي "افرانسوا هولاند" اظهر حفاوة كبيرة بالرئيس ابراهيم بوبكر كيتا الذي يؤدي حاليا زيارة دولة لفرنسا، وساهم الإعلام الفرنسي في تلميع صورته كأحد أبطال السلام بالقارة السمراء، مع تركيز كبير على التعاون الفرنسي المالي في مواجهة المد الإرهابي بالساحل.
ورغم أن فرنسا ترتبط بعلاقات وطيدة مع عدد من دول القارة، إلا أنها اختارت ارسال رسالة قوية للزعماء الأفارقة من خلال الاحتفاء بالأضعف، في كشف واضح لرغبة النمر الفرنسي المتحفز للعودة للقارة السمراء في وجود حكام بلا إرادة سياسية، كشرط لدعم الاشتراكيين لمشاريع التنمية بالبلد الإفريقية.
300 مليون دولار لتنمية الشمال ومواجهة الإرهاب لبلد ظل إلي وقت قريب يتهم من مجمل جيرانه بأنه الحلقة الرخوة في المحيط الإقليمي، وأن بعض رموزه وصناع القرار فيه شركاء في التدهور الأمني الحاصل، بل إن البعض استفاد من عائدات الخطف والتبادل التجاري التي كانت حكومة باماكو أبرز رعاتها خلال الفترة الأخيرة.
كما أن الدعم الفرنسي السخي للماليين لم يك لتنمية الديمقراطية فيها، فمالي دولة تدار من طرف أقلية تعتمد اللون كأساس للوصول للسلطة، ومن بين 30 وزيرا في الحكومة لايوجد غير واحد ينحدر من الشمال المالي، ومن مجمل قادة الجيش لايوجد واحد من أصول عربية يتولي إدارة حامية عسكرية واحدة.
كما أن دورها في محاربة الإرهاب لم يتجاوز تسليم أراضيها للغير، فمن قاتل الجماعات الإسلامية علي أراضيها هم أبناء القوات المسلحة في "أتشاد" و"موريتانيا" و"السنغال" و"الكامرون"، أما ضباط الجيش المالي، فقد اختاروا الصراع علي السلطة في باماكو، وتشجيع العصابات الإجرامية التي تحتل مدن "الفلان" و"الطوارق" و"العرب" وتنهب باسم الدولة الواحدة، تحت حماية الطائرات الفرنسية، وبأسلحة الجيش المالي، في مشهد يكشف ضعف الدور الرسمي، وغياب أي أفق لمواجهة الجماعات المسلحة، اذا قرر التحالف الإفريقي الفرنسي الانسحاب من أراضيها.
ولعل المخجل هو تعاطي "فرنسا هولاند" مع البلدان المجاورة والتي ظلت خلال السنوات الأخيرة رأس حربة في مواجهة المد العسكري للجماعات المرتبطة بالقاعدة، ووفرت للمصالح الفرنسية بإفريقيا فرصا أكبر، بعد أن حاصرها الضعف الداخلي لبعض البلدان، والعجز الفرنسي عن القيام بأدوار خارجية جراء الوضع المالي الصعب للدولة الفرنسية في العشرية الأخيرة.
لقد اظهرت فرنسا للمتحمسين من أجل الذود عن مصالحها بأن نظام استعماري، يتقن فن اذلال الحكام، ويبخل أوقات الحاجة، وينتقي زبنائه علي أساس الهوان والإستجابة الكاملة لمطالبها، لا التضحية والعمل البطولي من أجل تأمين مصالحها في المنطقة .. إنها تنظر إلي جهود الآخرين كواجب يجب القيام به، دون أن تكون ملزمة برد الجميل ... !
زهرة شنقيط / 24-10-2015