قاضي يسخر من تصرفات الرئيس (مقال)

سخر أحد القضاة البارزين مما آل إليه وضع القضاء في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، مستعرضا نماذج مما أسماه "انجازات الرئيس في مجال القضاء" منتقدا واقع الوزارة  وضعف اهتمام الحكومة بإصلاح القضاء.

وهذا نص المقال الذي كتبه قاضي مقاطعة تمبدغه المشهور بمعارضته للوزارة، وانتقاده الدائم لها.

بسم الله الرحمن الرحيم

لائحة انجازات السيد الرئيس محمد عبد العزيز في مجال إصلاح القضاء

 

لا جدال في أنّ أيّ شخص يمكن أن يقيم الإصلاحات التي قيم بها في قطاعه كما أنّه يمكن أن يدرك الوضعية التي يعيش ولا شكّ أن وضع السلطة القضائية في البلد في أيام السيد الرئيس محمد/ عبد العزيز لا يرضى عنه إلا من أعمته الاستفادة منه عن التعبير عن واجبه إزاء القطاع الذي ينتمي إليه والمتمثل حسب وجهة نظري في الدفاع عن هذا القطاع والعمل على ترقيته عبر ممارسته للمهنة والدفاع عن استقلال وترقيته عبر الإشادة بالانجازات التي قيم بها فيه والتي تمثلت في أمور من بينها:

 

1-وصف القضاة بالفساد من طرف السيد رئيس الجمهورية وبعض الوزراء

 

2-العمل على إلصاق صورة الفساد بالقطاع وترسيخها عبر أمور منها:

 

-إحالة كثير من القضاة  إلى الوزارة دون شرح أسباب تلك الإحالة ممّا سمح للبعض أن يشيع بأنّها تتعلق بعدم النزاهة أو عدم القدرة على ممارسة المهنة ثمّ إعادتهم بعد ذلك بفترة قليلة لمناصب مهمّة ممّا أربك المتقاضين وشوش على سمعة القطاع

-الإقالات المفاجئة لشخصيات مرموقة في القطاع والتي من بينها:

 

•الإقالة الأخيرة للسيد المدعي العام محمد عبد الرحمن/ عبدي بعد فترة وجيزة من تعيينه

 

•إقالة السيد وكيل جمهورية أنواكشوط الغربية الأمين العام لنادي قضاة موريتانيا

 

دون التفكير في ما قد يترتب على هذه الإقالات من أمور لا تخدم استقلال القضاء و لا الحفاظ على سمعته انطلاقا من الحفاظ على سمعة قدمائه من أصحاب الرتب العالية وشخصياته المرموقة التي تشكل إقالتهم بهذه الطريقة إهانة لهم ومن ثمّ إهانة للقطاع خاصة أنّ هذه الإقالة المفاجئة لم يقدّم لها أيّ مبرّر تماما كما سبق أن قيم به في بالنسبة للإحالات إلى الوزارة ممّا يفتح الباب أمام الشائعات

 

 

3-الحيلولة دون تنفيذ الأحكام القضائية لدرجة أصبح فيها اللجوء للقضاء عملية عبثية ذلك أنّه أصبح من المعروف عند كلّ متقاض أنّ حظّه في الحصول على تنفيذ الحكم الذي يعمل على صدوره له يرتبط بأمور لا دخل للقانون فيها وسواء في ذلك الأحكام الصادرة على الدولة أو على الخواص أو  حتى في الأمور المتعلقة بالقضاء الجزائي  

 

4-الأمر بفصل قاض وتخفيض رتبة أربعة آخرين بطريقة مرعبة تمّ من خلالها تمرير رسالة مضمونها أنّ أيّ قاض يمكن فصله في أيّ وقت وأنّ هذا الفصل مرتبط فقط بإرادة السيد رئيس الجمهورية ولا علاقة له بأيّ شيء آخر

5-ترك القطاع في يد وزراء يعبثون به وينشرون فيه الولاءات الضيقة التي ترجموها في أمور منها:

 

-التعيين على أساس المحسوبية والزبونية وهذا ما تشهد له تعيينات المجلس الماضي التي سبق أن نشرت مقالا بشأنها تحت عنوان (القضاء إلى أين يتجه به) لم يترتب عليه أيّ أثر ممّا يعني أنّها على علاّتها حظيت بمباركة السيد رئيس الجمهورية الأمر الذي شجع في ما يبدو السيد الوزير الحالي على انتهاج نفس السلوك ذلك أنّه على قصر مدته عين اثنين من جهته وكلاء جمهورية في أنواكشوط

 

-الابتعاث إلى الخارج على أساس القرابة والزبونية وهو ما ساد القطاع في الماضي ويشهد لذلك أنّه من بين دفعتي من تمّ ابتعاثهم للخارج أكثر من خمس مرّات بينما لم يتمّ ابتعاث بعضهم مرّة واحدة ولا تزال هذه المسلكيات يتجلى بعضها في الحاضر ذلك أنّ أكثر من تم ابتعاثهم ومن هم في الطريق إلى الابتعاث للخارج حتى الآن من الجهة التي انعم الله عليها بانتماء وزير العدل لها

 

-تهميش بعض المكونين ممّن تمّ تكوينهم لصالح وزارة العدل من طرف الاتحاد الأوربي لأسباب ربما لا تكون بعيدة عن المحسوبية والزبونية السياسية وتعيين مكونين بدلهم لم يشاركوا في المسابقة التي أجرى الاتحاد الأوربي لاختيار مكونين أو شاركوا فيها لكن لم ينجحوا أو لم يكونوا في الأصل مؤهلين لها لعدم انتمائهم لسلك القضاة

 

-هذا بالإضافة إلى ما يتداول أفراد القطاع من تهميش للقضاة العاملين بالوزارة في إدارات مركزية ربما لأسباب ليست بعيدة عمّا سبق ذكره

 

وجميع هذه الانجازات جديرة بأن يشجع مثلي أنا ورئيس الغرفة المدنية بمحكمة أنواكشوط أن يشيد بها وأن تكون حديث القطاع وأهله فهي تذكر فتشكر للسيد الرئيس الأخ محمد/ عبد العزيز الذي خصّص كثيرا من خطاب تنصيبه الأخير لإصلاح العدالة

 

محمد ينج/ محمد محمود رئيس محكمة مقاطعة تمبدغة