شبح 2008 يجتاح العاصمة .. ترى من يخطط لعزل الرئيس؟

أسفار الرئيس وبؤس الداخل وانهيار الثقة بين الحاكم والشعب أبرز ملامح البلد فى المرحلة الحالية

من دون ماء أو كهرباء يقضى الآلاف داخل العاصمة الموريتانية نواكشوط يومهم الثاني، وسط غياب تام للحكومة الموريتانية المستنكفة عن فعل المعروف للمحتاجين إليه من فقراء العاصمة ومشرديها.

 

توقفت حركة العربات المحمولة علي الحمير بنواكشوط الشمالية منذ يومين بفعل غياب أي حنفية يمكنها تزويد عربات الحمير بالماء في عاصمة يتولى الحمير تزويد 50% منها بالماء الشروب، رغم انفاق وزارة المياه أكثر من 180 مليار أوقية خلال المأمورية الأولي للرئيس محمد ولد عبد العزيز بحسب الأرقام المعلنة من قبل الوزارة المحكوم عليها شعبيا بالفشل.

تبدو العودة للوسائل البدائية في انارة البيوت أمرا مقبولا لدى العديد من  أرباب الأسر فقد أنهكهم سعر الكهرباء الرديء خلال الأشهر الماضية، وباتت مبررات الشركة العاجزة عن الوفاء بالتزاماتها مجرد تسلية للكبار، لكن لما يتكيف أطفال الأحياء الشعبية مع الظلام الدامس الذي يلف المنطقة مع حلول الغروب، لقد بدت كلمات السوء تخرج للعلن من أفواه الصغار، وقد ضاع الحلم .. مساء اليوم من دون "تومي أو جيري " شيئ لايصدق طفل بريء أن الرئيس ومعاونيه قد يتورطون فيه دون مبرر يذكر.

 

 

داخل البيوت المظلمة بفعل عجز الشركة وضعف المتابعة تبدو ألسنة المدافعين عن النظام معقودة، لقد ضاعت كل الانجازات التى تباهو بها خلال الفترة الماضية، وبات شبح 2008 الذي كانوا يعتبرونه وصمة عار في تاريخ البلد ماثلا للعيان، إنهم مجبرون على أكل المائدة في الظلام، فخفافيش البيوت متضررة من الظلام المفروض عليها، وأشعة الضوء مهما كانت محدودة تبدو مغرية لها، الأكل فى الظلام أو أكل الخفافيش خيارات محدودة أمام كل القاطنين بالعاصمة هذه الأيام.

 

غير أن الأزمة أخذت وقعها فى الأنفس بعد أن باتت اغلب الأسر مضطرة للعودة لأخذ المياه سلفة، فمن يمنحك اليوم 20 لترا دون تعويض يجب الاستثمار فيه، لقد وتر العجز الحكومى عن توفير أبرز الخدمات المطلوبة مجمل العلاقات التى كانت قائمة بين الأسر.

 

لايدرك اغلب المتضررين أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز في السعودية، وغير ملمين بأخبار الوزير المكلف بالكهرباء وأكاذيب قطاعه كما يرددون، فمقابلاته الصحفية محدودة الرأي بفعل غياب أى تلفزيون يعمل فى ولايتين من العاصمة نواكشوط ليلة الأربعاء.

 

قبل أيام قليلة نشطت تلفزيون السلطة (الموريتانية) فى اعداد سلسلة من البرامج الوثائقية لتمجيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، والتركيز على التحول داخل البلد فى الفترة الأخيرة، وظهر الكهرباء كأحد أبرز انجازات الرجل، لكن مجمل الفاعلين اليوم فى المشهد يدركون أن توقيت بث البرنامج غير مناسب، لقد بات مسخرة للكل، حتى الأشخاص الذين ظهروا فيه باتوا اليوم لعبة لأطفال الحى الذى يقطنون فيه.

 

تبدو موريتانيا اليوم بوجهها الشاحب قريبة جدا من نهاية مسرحية جند لها الرئيس الكثير من أنصاره، واهدر فيها معانوه مليارات الأوقية، لكن سوء التسيير والتدبير والغش الذى امتازت به مجمل صفقات الكهرباء والماء، حول مسعى الرئيس إلى مهزلة، والاستثمار فى الطاقة والمياه إلى تبديد للثروة ونهب مقنن.

 

جياع نواكشوط الشمالية وعطاش نواكشوط الجنوبية يدركون اليوم أكثر من أى وقت مضى أن مجمل مبررات الانقلاب الذي أطاح بسلفه باتت قائمة، وأن رحيل الرجل عن الحكم لن يكون أكثر من مشهد مؤسف للمقربين منه مرحب به على نطاق واسع بفعل سوء الخدمات الموجهة للسكان خلال المأمورية الثانية من حكمه المثير للجدل.