خسر تكتل القوى الديمقراطية المعارض أبرز قلاعه بولاية لعصابه، بعد أشهر من فقدان الثقة بين مكونات الحزب الأبرز على الساحة السياسية خلال العشرية الأخيرة.
وزير الخارجية السابق ونائب رئيس حزب التكتل قرر اليوم 28 دجمبر 2015 انهاء العلاقة التى استمرت قرابة عشر سنوات مع رئيس الحزب أحمد ولد داداه، وكانت بالغة الأهمية للحزب خلال الفترة الأولى، ومحل حرج بالغ للأطراف كافة خلال الفترة الأخيرة.
وبغض النظر عن القيمة المعنوية لنائب الرئيس المغادر عبد الرحمن ولد أمين وتجربته السياسية الطويلة، فإن حزب التكتل خسر حلفا شكل أبرز دعامة له فى مواجهة تهمة الجهوية التى اقترنت به منذ تأسيسه فى رأي الكثير من الموريتانيين، كما أن ضمن إلى جانب النخبة الشابة التى أسسته، تجربة بعض رموز الحركات السياسية وكبار العارفين بدواليب السلطة، مما أعطاه قوة أكبر، وحولها سنة 2006 من حزب معارض إلى نخبة قادرة على إدارة الدولة وفرض التغيير.
شكلت حركة ولد أمين المفاجئة باتجاه حزب التكتل المعارض خروجا عن المألوف من الانتقالات السياسية، وشكل صبره على الحزب المناهض خلال الفترة الأخيرة لقوى الجيش والتأثير فى المجتمع رسالة بالغة التأثير، ودرسا لم يحسن الجميع استغلاله، رغم أن الرجل ظل ينظير إليه، وهو الهادئ الصبور أنه إلى روح المخزن أقرب، وعلى الحمائم يحسب، وتضاعفت المرارة بعد أن بات القرار كما يقول منسحبون من الحزب بيد مجموعة قليلة تنظر إلي كل صوت مخالف لها بقدر كبير من الريبة وتتهم كل معارض لطرحها بالخيانة.
مهد ولد أمين لخروجه من الحزب بعدة رسائل أبرزها اعتكافه فى بيته عن أنشطة الحزب واجتماعاته، وتصدر نجله يعقوب ولد أمين خطاب المنزعجين مما آل إليه الوضع فى التكتل، وتصريحه علنا بأن مراجعة الموقف من الحزب خيار مطروح، قبل أن يدفع بأوراق حزب سياسى قد يكون عنوان المجموعة خلال الفترة القادمة.
اعتزل الوزير محمد عبد الرحمن ولد أمين صراع " كرو" الأخير، بحكم موقفه المعارض للسلطة ومساعيها الرامية لتركيع التحالف المناوئ لمرشحها، وانسجامه مع قرار الحزب الداعى لمقاطعة الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة، وهو ماوفر عليه الكثير من الجهد السياسى والمالى والأخلاقي حيث بات اليوم احدى الكتل المرشحة بقوة للعودة من جديد إلى واجهة الفعل داخل الساحة، وربما البديل الأنسب لخوض غمار المنافسة مع الإسلامى والسلطة أو التحالف مع أحدهما فى الانتخابات التشريعية القادمة.
كسب الرئيس محمد عبد الرحمن ولد أمين من تحالفه مع التكتل سمعة محترمة فى الأوساط السياسية، ونائب برلمانى لنجله، يرى كثير من أنصاره أنه استحقه بجدارة، وعلاقة قوية نسجها خلال السنوات الأخيرة مع بعض القوى السياسية الجديدة، وهو أمر يحتاج إليه رجل دولة تربى داخل دهاليز الحكم، وظل ينظر لكل وافد جديد بقدر من الريبة والشك.
اليوم بات ولد أمين خارج حسابات التكتل، وبات التكتل فعلا خارج حسابات الرجل، منهيا العلاقة التى وصفها أكثر من شخص بأنها ذات مصداقية وقيمة، لكن من دون شك أثرت عليها تصرفات البعض خلال الأشهر الأخيرة.