"أبو العمل الإسلامى"، صاحب المسجد الكبير وإذاعة القرآن وقناة المحظرة، وصاحب منجز الجامعة الإسلامية فى لعيون، مفردات صدع بها الحاكمون رؤوس السكان طيلة السنوات الأولى لاغتصاب السلطة فى البلد، ومشروعية منجز حاول الرئيس من خلالها تعويض شرعية مفقودة، وتوطيد أركان حكم سلبه من صاحب الحق فى انقلاب مكتمل الأركان يوم السادس من أغشت 2008.
شعارات تفاعل معها الشارع المغرور بحماس الخطباء، ومشاريع استغلت إلى آخر نفس فى حشد الأصوات والترويج لحكم الفرد وترسيخ جذوره، وكانت واجهة ركوع لنخب تزاحمت على أبواب السلطة بحثا عن قوت يومها فى بلد يجوع فيه الأحرار وينكر حكامه وجود عبيد!.
لكن لم يتخيل أسوء المتشائمين أن يختم الرئيس محمد ولد عبد العزيز مأمورية الثانية بحرب مفتوحة ضد كتاب الله عز وجل والمحاظر التى ظلت فخر الأمة وحصنها الحصين، وأن يتلذذ معاونوه بتشريد أطفال الشرق الباحثين عن تعويض حقب من الحرمان، وأطفال الأرقاء السابقين ولما يتذوقوا طعم القرآن وحلاوة التلاوة، والدفع بمئات الأطفال إلى الشارع حيث الجهل والمخدرات والفقر وغياب دولة القانون.
لقد تحول الرئيس محمد ولد عبد العزيز من شخص قوى فى نظر رفاقه وبعض معارضيه إلى أضحوكة تسوي بها صراعات المجالس المحلية فى المناطق الداخلية، ويكتب له التاريخ دون وعي منه، وتنسج به منظومة حكم كان أكثر الساخرين منها وأبرز المعرضين برموزها خلال سنواته الأولى. لقد حولوه إلى نسخة معدلة من "نظام معاوية" وهو منقاد جذلان بتقاريرهم الكاذبة، وأجواء الرعب المفروضة عليه من غول اسمه التيار الإسلامي.
حوصر بنفوذه العلماء، وحلت بأوامره الجمعيات، وأغلقت بها المراكز والمحاظر، ويساق الآن إلى مواجهة الشعور الداخلى للأمة الرافض للنيل من كتاب الله عز وجل.
جميل أن ينجح العلماء فى استدرار تمويل مشاريعهم المعطلة وهي كثيرة، والأجمل أن يزاحم الأئمة والحفاظ رفاقهم فى التوجه والمصير والتاريخ المشترك، لكن الأجمل أن يقف الرجل ولو لبضع دقائق ليري الوجوه التى تدافع عنه الآن، ومتصدرى المشهد الداعم له، واللغة المستعملة ضد خصومه، وسيمفونية الجوقة الإعلامية التى تحاول خلق أجواء من الرعب داخل البلد من أجل استنزاف مكامن القوة والخير والصلاح فيه، وليغمض عينه مستذكرا آخر أيام سلفه معاوية ولد الطايع، وكيف اختلسوه بنفس الطريقة وباعوا له الوهم بنفس الأوجه، ومنحوه معسول الكلام، ثم تباروا يلعنونه ولما يكمل أسبوعه الثانى خارج قصره!.
إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أسر بيد عصابة لاترحم، ومختطف من قبل عصابة تتقن فن التزلف والنفاق والخداع، ناصحوه فى السلطة قلائل، ودوائر التأثير عليه من خارج أزلام الجوقة الإعلامية معدودة، وردات فعله تخدم الاضطراب أكثر من خدمتها للأمن، وممثلوه من رجال السلطة ضحاياه تجربة سياسية معدومة أو جشع مغرى بالانتحار ...
فهل يتدارك نفسه قبل انفراط عقده أم أن دفع مختطفيه أقوي من كوابح العقل والمصلحة وحسن التدبير؟
سيد أحمد ولد باب / كاتب صحفي