انتخابات يونيو.. ضمور البرامج لصالح الفن

غابت البرامج السياسية في الحملات الدعائية المحضرة لانتخابات يونيو 2014، وسط عودة قوة للفنانين إلي واجهة المشهد السياسي بموريتانيا رغم تفاوت المكانة والطلب بين شهير ومسكوت عليه.

شكل المرشح محمد ولد عبد العزيز المرشح الأهم  بانتخابات يونيو لجنة سياسية ضمت 97 من رموز القوي السياسية وكبار الموظفين والوزراء السابقين لتنشيط حملته، وشرح برنامجه الذي أعدته لجنة نافذة في "العشير" ضمن خطة محكمة لتقليل التكاليف وحصر ريع المنتج في دائرة المقربين.

 

أثرت السيولة المادية بشكل كبير علي خطاب اللجنة وأفكارها، وغاب أغلب رموزها عن الأماسي السياسية والخيام المضروبة أمام واجهة المحال التجارية وقصر المؤتمرات وبعض الأحزاب المعارضة لانتخابات يونيو والمشاركة فيها من الأصل.

 

يرجع أغلب الناس أسباب غياب اللجان السياسية والخطابات التعبوية إلي ثلاثة أمور:

 

1- انشغال أعضاء اللجنة بالحملة في الداخل، والاستظهار بالحشد القبلي لإظهار المكانة الاجتماعية حفاظا علي منصب قائم أو طلبا لآخر حالت دونه موازنات الرئيس ورؤي مساعديه الأمنيين.

 

2- ضعف الموارد المالية : فأغلب أعضاء اللجنة هم من الأشخاص المحركين للانتخابات التشريعية والبلدية، ويعانون في الغالب من تراكم الديون، كما أن الحضور للأماكن العامة وتصدر المشهد فيها مكلف للسياسيين في ظل نظرة اجتماعية تري في الحملة فرصة لكسب المزيد من النقود، والإمساك بالسياسيين المتوارين عن الأنظار منذ فترة.

 

3- الخلافات الداخلية: كما أن أغلب المكلفين برشح برامج الرئيس هم من مجموعات قبلية أو عرقية أو فئوية متصارعة علي الظهور، وأغلب الأنشطة الجماهيرية مبادرات قبلية أو حراك لأشخاص فاعلين، لايريدون للغير الظهور فيه ولو كان مكلفا من الرئيس بشرح برنامجه الانتخابي أو ممثلا لمدير الحملة الغارق في المشاكل بفعل ضعف التجربة الإدارية وثقل المسؤولية الحالية.

 

حضور الفنانين

 

الحملة الانتخابية رغم ضعف الموجود منها بدت حملة فنية بامتياز، لقد وزعت اللجنة الإعلامية "المفترضة" مئات الأشرطة من نشيد الرئيس علي خيام ومبادرات التابعين له، ونشط سماسرة الأغلبية في مدن الداخل ببعض الصور والأشرطة ومكبرات الصوت ضمن توزعة في الغالب تفتقد للشفافية والعدل بين الناس.

 

غير أن أغلب المبادرات أتخذت أسلوبا دعائيا آخر، وهو جلب الفنانين الكبار لإنعاش الليالي الساهرة بخيامهم المضروبة ضمن مظهر من مظاهر التفاخر بالمكانة والمال بين الداعمين للرئيس.

 

قرب قصر المؤتمرات بالعاصمة نواكشوط تصدح الفنانة الشابة "كرمي بنت آبه" بأغانيها الحماسية، مستلهمة روح أختها الراحلة "ديمي بنت آبه" مع فارق أملته التجربة والقدرة الفنية والمكانة بين الجمهور.

 

ويزيد غناء الفنانة محييها تمسكا بالسهر في تلك الخيام  مهما ارتفعت درجة الحرارة أو انخفضت، بينما تتصاعد أغاني "الهوب هوب" من حملة المرشح صار ابراهيما الذي بات أيقونة الزنوج باستحقاقات الرئاسة.

 

تصر التلفزة الوطنية علي بث بعض الأخبار شبه المتوازنة بين المرشحين من مختلف زيارات الداخل،وفي مقدمة النشرة يتصدر صار ابراهيما الحملة الدعائية وهو يرفع يديه إلي السماء ويهتز علي أنغام الموسيقي الزنجية الصاخبة والرقص بالأرداف في مشهد يختزل فرحة المرشح بحماس جماهيره، مع نكهة خاصة أملتها تحديات الحملة والشعور بالغبن لدي بعض الضحايا من الزنوج.

 

وفي مدينة لعيون "عروس الشرق" الموريتاني تبدو الحملات الدعائية مرهونة بحضور الفنانة ذات المكانة والسمعة بين جماهير المدينة "علية بنت أعمر تيشيت" بعد أن باتت السهرات القبلية الداعمة للرئيس كاشفة لمستوي الحجم السياسي بالمقاطعة ودور الفاعلين العسكريين والمدنيين.

 

وفي الحوض الشرقي تأخذ أسرة "أهل دندني" مكانتها بين الأسر الفنية المنعشة للحملات الدعائية، وسط تألق لجيل الشباب الذي عاد للمنطقة بسلسلة من الأغاني الحديثة دون تفريط في التدينيت.

 

صورة لا تعكس بالضرورة حجم المتداول من الطرب الشعبي بين الناس، ففي الترحيل بنواكشوط، حيث الكهرباء ضعيفة والخيام قليلة، والسكان مشتاقون للسهر بفعل العزلة المفروضة، تتحرك راقصات الحي في الخيام جيئة وذهابا علي أنغام موسي تقليدية مربوطة بمكبرات صوت متواضعة (باف) في محاولة لفرض واقع جديد بالأحياء المنكوبة منذ ترحيل سكانها من وسط المدينة قبل سنوات.

 

لا يتهم الشيوخ بحركة الشباب داخل تلك الخيام المضروبة ولا ببرنامج الرئيس ووعود الساسة، بل الإهتمام منصب علي ما ستجود به الحملة ليلة الخميس القادم من معونة لمن لبوا نداء المشاركة ورفضوا المقاطعة رغم توفر الظروف الدافعة إليها بموريتانيا من جامعة نواكشوط شرق القصر الرئاسي إلي فصاله علي الحدود الموريتانية المالية.

خاص - زهرة شنقيط