احتضنت قاعة الندوات بجامعة العلوم الإسلامية بمدينة لعيون، مساء الخميس محاضرة علمية حول الحركة المرابطية في الأراضي الموريتانية ،تناولت بالتحليل والتأصيل مختلف الأبعاد التاريخية والفكرية العقدية والسياسية واعتبرت الأوراق العلمية التي قدمها أساتذة الجامعة أن البعد الديني كان أهم الأسس وراء فكرة الرباط لتتأسس لاحقا فكرة الكيان ثم الدولة بأبعادها التنظيمية خارج هذا المجال الجغرافي .
في المداخلة الأولى قدم الدكتور مامودو كان ، أستاذ التاريخ بالجامعة، قراءة تاريخية لمسار التأسيس من خلال بعض المحاور كإسلام صنهاجة الصحراء ،ودور الخوارج في انتشار الإسلام بالمنطقة ، معرجا على علاقة المرابطين ببلاد السودان الغربي ، فضلا عن علاقة المرابطين بغانة وعلاقة ذلك بتوجههم نحو الشمال وخلص الى القول بأن ''دور المرابطين في إسلام السودان الغربي كان دورا تصحيحيا لإسلام سطحي وليس نشرا له ''
وفي قراءته للجوانب السياسية للحركة المرابطية تحدث الأستاذ الدكتور أجه ولد أمينوه عن السلطة السياسية في عهد أول وأقوى ملوك صنهاجة في تلك الفترة تيلوتان بن تلاكاكين معددا خلافاءه ، ومركزا على ملامح النظام السياسي إبان عهد محمد بن تيفاوت وصهره يحيى بن إبراهيم الجدالي ليصل للحديث عن رباط عبد الله ابن ياسين ودوره في تنظيم وانتظام الحركة ثم صعودها الى بلاد المغرب الاقصى في الشمال
أما الدكتور محمد المختار ولد محمد فاضل'' بداه '' أستاذ العقيدة ونائب عميد كلية أصول الدين ، فقد تناول الجوانب العقدية والفكرية التي تأسست عليها أطروحة مؤسسي الحركة موضحا أن المصادر التاريخية ظلت تؤكد سيطرة المذهب المالكي منذ البداية على مشروع الحركة المرابطية،.
ثم بين أنه رغم موقف المالكية المتشدد في رفض علم الكلام، إلا أن الأشعرية تسربت من بغداد إلى فقهاء المالكية بالقيروان عن طريق أبي بكر الباقلاني وكان المتصل به المنظر الأول للمشروع المرابطي الفقيه أبو عمران الفاسي. مما كان سببا في ربط بعض الباحثين ذلك بعقيدة المرابطين واعتبار الأشعرية العقيدة الرسمية لهم , لكن المتأمل حسب الحاضر ''يلاحظ غيابا واضحا للأشعرية في أيام المرابطين ، ولعل من أسباب ذلك عدم تقبل البدو الرحل للمقدمات الكلامية التي تميل إلى التعقيد.'' ومما يبين أن المرابطين كانوا على عقيدة التفويض حسب تعبير المحاضر أمران :
أولا: أنهم أحرقوا كتب أبي حامد الغزالي الذي كان رائد مدرسة المتأخرين من الأشاعرة التي مهد لها إمام الحرمين الجويني والتي تميل إلى مذهب التأويل
ثانيا: أن الموحدين الذين جاءوا بعدهم رموهم بالتجسيم وسموهم بالمجسمة ؛ لأنهم لا يؤولون الصفات
ثم بين المحاضر أن المرابطين وإن لم يتخذوا المذهب الأشعري مذهبا رسميا فإن ذلك لا يعني أنه لم يتطور في عهدهم .
ثم فتح رئيس الجلسة ،عميد كلية أصول الدين الدكتور أحمد محمود ولد حدمين ،المجال أمام الحاضرين من الأساتذة الباحثين والحضور لإثراء أبعاد الموضوع .