دعت أحزاب كتلة المعاهدة من أجل التغيير إلي حوار جديد بين الأغلبية والمعارضة للخروج من الأزمة الراهنة في إقرار فاضح بكذب ما أدعوه عشية حوار 2011 من أن نتائج الحوار الجزئي الذي خاضوه كفيلة بحل مشاكل البلاد والعباد.
المعاهدة التي عاشت عدة هزائم متتالية بعد أن حل أبرز أحزابها ثالثا في الانتخابات التشريعية والبلدية، وحل الثاني رابعا في انتخابات الرئاسة الشكلية – رغم قلة المنافسين-، وعجز الثالث عن دخول البرلمان رغم التحضير للانتخابات أكثر من سنتين، ترشح نفسها من جديد للعب دور الوسيط الداعي للحوار والساعي من أجل رأب الصدع بين الفرقاء، بعد أن قامت بتجربة مماثلة سنة 2011 انتهت بها إلي مصاف الأغلبية الداعمة للرئيس من حيث نبرة الخطاب المتزلف، وعدوانيته في بعض الأحيان تجاه المعارضين علي وجه الخصوص.
لقد فقدت المعاهدة أي مصداقية بعد حوار 2011 حينما عارضت وبشكل علني أي حوار جديد في محاولة لاحتكار المشهد السياسي، وخطف دور المعارض الوحيد للنظام أو علي الأقل المعارض الوحيد داخل الهيئات التشريعية، وفقدت مصداقيتها أكثر حينما استغلها النظام لتثبيت مساعيه، وتعزيز مكانته داخليا، وبات رؤساء أحزابها مجرد أشباح في جوقة العازفين باسم الرئيس، والمنشغلين بأمجاده، وهم يجوبون المدن بتغطية إعلامية كافية من تلفزيون النظام، وحراسة من كبار معاونيه، يوزعون شهادات التزكية علي رموز المؤسسة العسكرية بالمجان، والشتائم علي رموز المعارضة مع تركيز خاص علي أقطابها الثلاثة البارزين في مشهد يدمي قلوب العقلاء بموريتانيا.
إن مستوي الإحباط في صفوف المعاهدة، والإقصاء الواضح لها من الحياة السياسية، وتشكيل أكثر من حكومة دون الانفتاح عليها، جعلها تدعو للحوار ثانية ، عل الرئيس الممسك بخيوط اللعبة يعيد لها بعض الحياة، ويمنحها بعض الأمل للبقاء في الساحة السياسية خلال المأمورية الجديدة من حكمه.
إن المعاهدة تدرك قبل غيرها أن باقي أطياف المعارضة فاقدة للثقة فيها، وأن الرئيس يدرك هامشية أحزابها، وضعفهم عن التأثير في مسار الحياة السياسية، لكنها مصرة علي لعب دور الوسيط من أجل مكاسب شخصية لبعض رموزها قد لا تتحقق بغير حوار جديد، وجولات جديدة، وصرف جديد، ورعاية لمن يسخر نفسه لمدح الحاكم وتبرير أخطائه بحجة الإنصاف والعمل من أجل مصلحة البلاد واستقرار شعبها.