فقهاء موريتانيا يناقشون معالم المرجعية العلمية والفكرية للشناقطة (صور)

ناقش عدد من العلماء أبرز معالم المرجعية العلمية والفكرية والعقدية لدى الشناقطة فى ندوة مفتوحة بالإذاعة الوطنية مساء الثلاثاء (7 يونيو) ، وسط تأكيد رسمى على ضرورة التمسك بالمذهب المالكى باعتباره أبرز مصدر للانسجام داخل المجتمع.

وقال وزير الشؤون الإسلامية أحمد ولد أهل داوود لدى افتتاحه للندوة إن المذهب المالكى والعقيدة الأشعرية والتصوف السنى ظلوا طيلة العقود الماضية المرجعية الفكرية والعقدية والروحية لشعوب المغرب العربى وشمال افريقيا، وكان له الفضل الكبير فى نسج عرى التعاون والإنسجام بين ساكنة هذه الربوع، لما يتميز به من وسطية واعتدال وتسامح، وهو مانحن فى حاجة ماسة إليه، بحكم العالم الذى تطبعه ثقافة الفتنة والتدمير، مما يجعل العودة للمرجعية الفكرية ومخزونها الفكرى الثر حاجة ملحة فى الوقت الحالى أكثر من أي وقت آخر.

 

العلامة اسلم ولد سيد المصطف قال إن البعض يرى أن المذهب الأشعري وصل موريتانيا إلى عن طريق الإمام الحضرمى عليه رحمة الله، لكنه قول يحتاج إلى دليل، قائلا إن الشناقطة استقدموا الكتب الأشعرية ونظموها، وكان بالنسبة لهم متلازما مع المذهب المالكى تلازم لاانفكاك منه، مستعرضا بعض النماذج كنظم المختار ولد بونه لمؤلفات السنوسى الثلاثة فى وسيلة السعادة وشرحها لعبد القادر ولد محمد سالم ، ونظم المؤلف الشهير "واضح المبين".

وأكد ولد سيد المصطف أن الحالة السائدة كانت العقيدة الأشعرية، لكن العقيدة السلفية ظل لها وجود مثل حركة الإصلاح لدى ناصر الدين ولمجيدري ولد حب الله ،وباب ولد الشيخ سيديا عليهم رحمة الله، ومحمد ابن أبي مدين، وبداه ولد البصيرى عليه رحمة الله وبعض تلاميذه.

ورأي ولد سيد المصطف أن وحدة العقيدة والمذهب كانت سائدة فى البلد، رغم صعوبة السيطرة عليها، وكان للسلطة دور كبير فى الدفع بها والإلزام بها، ولم يقتصر الأمر على الاقتناع والتذكير ، بل إن الإنتشار الشعبى يحتاج إلي شيئ من الضغط والمتابعة والتشجيع من قبل السلطة الحاكمة.

وأكد اسلم ولد سيد المصطف أن المذهب المالكى انتقل إلي افريقيا مع العقيدة السلفية عن طريق محمد ابن زياد (راوى الموطء) وأسد ابن فرات وعن طريق "شبطون" على القول بأنه روى لأهل القيروان.

كما رافقت العقيدة السلفية المذهب المالكى إلى الأندلس والمغرب بعد ذلك، عن طريق يحى ابن يحى الليثي، وبعض الطلبة الآخرين، وظل التلازم بين العقيدة السلفية والفقه المالكى قائما، وهو ماتجلى فى فترة "ابن زيد القيراوانى" والحافظ ابن عبد البر، والإمام الدانى، رغم الضغوط والإهانة والحروب من طرف الفاطميين والأغالبة، وظلت العقيدة مصدر استهداف من طرف الخوارج كما حصل فى القيروان بالتزامن مع ماحصل فى بغداد.

وقال ولد سيد المصطف إن التلازم وصل إلى مبتغاه فى فترة دولة المرابطين، وهى الدولة التى اشتهر القائمون عليها بكره علم الكلام والفلسلة وكانوا يتبعون المذهب المالكى السلفى الأصيل، وقد اشتهروا بحادثة حرق "احياء الدين" للإمام الغزالى، رغم الجدل الذى صاحب الخطوة.

وقال العلامة اسلمو ولد سيد المصطف إن العلماء تلقفوا مدرسة الأشعرى بالقبول بعد الإعلان عنها فى بغداد لأنها كانت توجها وسط بين توجه نقلى فاحش يوصم بالحشوية، وتوجه عقلاني متشدد قاده المعتزلة.

وقد تداوله فطاحلة المذهب المالكى ونقلوه إلى المغرب العربى ، كما هو حال القاضى أبى بكر العربى والباجى والباقلاني، لكنه لم يصل أوجه إلا بعد سقوط دولة المرابطين على يد الدولة الموحدية، لأن اسقاط الدولة لم يكن سياسيا فقط، بل كان اسقاطا فكريا، حيث انطلق المذهب الأشعري كعقيدة لدى العامة بعد أن ظل محصورا فى نخبة من العلماء وكبار الباحثين، الذين ذهبوا إلى المشرق أو التقوا ببعض القادمين منه.

ونقل الفقيه عن الموحدين كرههم الشديد للكتب الفقهية ، حيث احرقوا  كل الكتب المتداولة  مثل "المدونة" و"الموازية" والعتبية" و"الزياداتط لابن أبى زيد القيرواني، بعدما نقحوها من القرآن والأحاديث.