تأخرت في الحديث عن حادثة رمي المتحدث باسم حكومة الجنرال بحذاء أحد الصحفيين رغم كونها "حَكّتْ لي فُم أكْرادْ"، وذلك راجع لكوني عازف من فترة عن "الاستغراق" في الأحداث العامة لجمودها، ولاعتقادي بغياب من هو قادر على صناعة حدث يغير حياة العامة من الناس.
وبعد أن كثر اللغط حول حذاء الشيخ باي حتى لا أضيف له صفة الصحفي التي لبسها كصفة، كل من عجز عن ارتداء صفة أخرى، وامتهنها كمهنة، كل من لا مهنة له، لم أجد بدا من تسجيل تأييدي لحادثة رمي المتحدث باسم حكومة الجنرال بحذاء فتى من الطبقة العامة، تعود امتطاء رجليه، وأدمن مسح درن الأرض بحذائه بعد أن عجزت الدولة عن توفير وسائل نقل حضري له ولأمثاله من المحرومين من خيرات بلدهم.
كم تمنيت أن يكون حذاء الرامي أصاب وجها دنسه التطبيل والنفاق وتزوير الحقائق، ليزيد من دنسه!
بل كم أتمنى على وجه الحث والحض، لو يتحول الحذاء إلى صفع على الوجه وضرب على المؤخرة لكل الناهبين والناعقين تحتهم والمسبحين بحمدهم.
إن للرمي بالحذاء رمزية ولو حاول بعض المطبلين التقليل منها، فهو يعبر عن الاحتقار، وليس مدعاة للاحتقار من امتهان النفاق والتطبيل لحاكم ظالم، حاز الجهل والجور.
ولعل من المثير للاستغراب حديث البعض عن احترام سن الوزير وشيبته، فكيف يدعون لاحترام من احتقر شعبا بشيبه وشبابه، ومن ظل ولا يزال يساهم في سرقة عقول العامة من الناس بالكذب عليهم وتضليلهم، بعد أن ساهم في سرقة ثرواتهم؟
بل كيف يتوقعون أن يجنوا من الشيب احتراما دون أن يعود عليهم بالورع واتقاء الله في الناس، والبعد عن الفحش من القول والفعل؟
إن من لا يجيب محروما اسْتَحْذَاه -طلب منه عطاء- من مال الشعب الذي يتلاعب به، جدير بنا أن نؤيد من أحذاه طعنة، فكيف بمجرد رميه بحذاء!
والعجب العجب ممن يتحدثون عن السلوك الحضاري والمدني في بلد لا زال تدشين شارع عام به يعد إنجازا تُستدعى له أبواق الدعاية وترتفع له أصوات المنافقين، فما هو مفهوم المدنية لديكم يا هؤلاء ومن أين جئتم به؟
ولك أن تتعجب حين يتحدث من لا يمكنهم الاستشفاء في بلدهم، ومن يستوردون كل شيء من خارج حدودهم عن هيبة الدولة!
يتحدثون عن هيبة الدولة في أرض يسود فيها الفشلة، ويحكمها من لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية، ممن فرضهم الغرب ضمانا لمصالحه...
ولكن لا غرابة ففي أرض كهذه يجوز أن ينظر ضحايا الباكالوريا من رواد العالم الافتراضي، ويصبحون أساتذة ومدافعين عن هيبة الدولة!
وللتوضيح فأنا هنا أتحدث عن رمزية فعل قام به مواطن بسيط دون الاهتمام بخلفية ذاك المواطن "رفيقا" كان أو "أخا" ودون وضع حساب لقبيلته أو جهته، يا من "تؤيدون" لتلك الحسابات و"تدينون" لها، ويا من توالون للقبيلة وتعارضون لها!
فهلاَّ صفعت على المؤخرة فأوجعت لكان أفضل، يا الشيخ باي..!
كريم الدين ولد محمد