هل قررت القوات المسلحة إذلال متقاعديها؟

عند المدخل الشمال للعاصمة نواكشوط يرابط أكثر من 300 من العسكريين السابقين، مطالبين بدخول العاصمة نواكشوط للقاء الرئيس المنحدر من القوات المسلحة الجنرال محمد ولد عبد العزيز أملا في الإنصاف من رفاقه المستثمرين في أكل لحوم البشر.

 

وعند المدخل الشمالي للعاصمة نواكشوط تقف قوات الشرطة في وجه العسكريين المتقاعدين رافضة أي دخول جماعي للجياع المنهكين بفعل السير علي الأقدام لمسافات طويلة من عاصمة الثروة والغبن بتيرس زمور، بعد أن سلبت جلد الثورة، وأجبرت في آخر انتخاب علي بيع شرفها لحراس الاستبداد، والمتاجرين بكرامة الشعوب.

 

يدرك شيوخ الحراس المرابطين عند مدخل المدينة أن عصيان أوامر الشرطة أمر مكلف في الوقت الراهن، فالجوع والمرض والفقر ثالوث أنهك أجسام المتظاهرين، بعدما أفنوا شبابهم في خدمة الوطن من بوابة شرف يقال لها الجندية بكلام الأولين، لكنهم يدركون أيضا أن الشرطة ما كانت لتقف في وجه مسيرتهم السلمية، لولا ضغط بعض القادة الكبار الذين امتصوا عرقهم أيام الخدمة العسكرية في الجيش، ويحاولون الآن أكل عظامهم الهشة بعدما تقاعدوا من الخدمة العسكرية، وتوجهوا إلي الحراسة لضمان لقمة العيش لهم ولأسرهم الفقيرة.

 

علي رأس الشركة الظالمة عقيد متقاعد - أو مقاعد - هو رأس جهاز الدرك بموريتانيا في أسوء حقبة عاشتها البلاد (2003-2005)، وعلي رأس مجلس إدارتها ضابط آخر هو صديق الرئيس وأحد أعوانه المدللين.

 

يتمترس الضباط خلف نصوص قاهرة لإرادة الشغيلة، ورئيس مقتنع بأحقية رفاقه في أكل صغار العاملين معهم،وحكومة مدنية هشة، تعيش علي الأوامر، وتري في كنس الزبالة جهاد العصر، ومساعدة رجال الأعمال علي القيام بالمهام المنتدبين لها من قبل المجموعة الحضرية أولوية عن جبر خاطر فقير منهك، يكفيه من الإنصاف أن يصان له ماء وجهه أمام عياله، بعد أن  قرر المجازفة بحياته والسير علي الأقدام باتجاه قصر كان يسكنه رئيس!.

 

لايحتاج الجنرال محمد ولد مكت إذنا من أحد لقمع أي عامل حاول دخول العاصمة نواكشوط، ولايزجع العقيد المتقاعد سيدي ولد الريحة صراخ جياع تيرس ، فقد ضمن لنفسه وأسرته عيشا كريما ومنزلا فخما ببير أم أكرين، ومنازل أخري، مكنته من حصد مقعد متقدم في مجلس النخبة الذي يدير به الرئيس مقاليد الأمور في هذا البلد المنكوب.

 

ترسم وجوه القادمين من تيرس لوحة صادقة، ومن خلال تجاعيد الوجوه المنكوبة يمكن للشباب الموريتاني المتحفز لدخول القوات المسلحة أن ينظروا إلي وجوههم قبل تمييز فصيلة الدم، أو العدو سيرا علي الأقدام لتثبيت اكتتابهم بالجيوش العامة، مهما كان العرق واللون أو المحيط الاجتماعي الذي ينتمون إليه.

 

ينشط نشطاء الفيسبوك هذه الأيام لتعريف المواطنين بمأساة جيل اسمه الحراس المتظاهرون أو المتقاعدون الفقراء، لكنهم يتغافلون أو يجهلون عقلية الضباط الذين يديرون اللعبة الآن، إن تلك الوجوه البائسة مصدر سعادة للرئيس وقائد أركان وكبار مساعديه، لأنها الوحيدة الضامنة لتميز هؤلاء ممن تعرف في وجوهمم نضرة النعيم.

 

دخل الحراس أم لم يدخلوا غير مهم ، رق الرئيس لحالهم أو لم يرق غير مهم، استقبلوا أم لم يستقبلوا غير مهم.. القوانين – كما يقول وزير الشغل واضحة- أربعة أشهر للوساطة، وبعدها يبدأ التحكيم، والعمال أختاروا السير علي الأقدام بدل التعامل مع الأزمة وفق القانون!.

 

أنها النتيجة الحتمية .. الفصل بلا حقوق!.