تدهور القطاع السياحي بموريتانيا

تعيش السياحة الموريتانية أسوء مراحلها منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1960، بفعل الخوف المتنامي لدي النخبة الأوربية والعربية من زيارة بلد يعد من أكثر البلدان الإفريقية عرضة للمخاطر، ومن بين دول قلائل لاتزال حدودها غير مضبوطة.

 

غير أن المثيرة للسخرية هو أن المشرفين علي قطاع السياحة، والمولعين برحلات شكلية إلي كل معارض الدنيا، لايحسنون غير عرض الأواني التقليدية (قداح يط)، أو بعض المأكولات الشعبية، أو ألعاب تقليدية، متناسين أن السائح الأوربي يبحث عن الأمن قبل الشرب والأكل واللعب.

 

فمنذ مقتل السياح الفرنسيين الخمسة في لبراكنه سنة 2007 والبلاد تدفع ضربة انعدام الأمن – في نظر الأوربيين- وضعف الكادر المكلف بالترويج للسياحة بموريتانيا، وطمأنة الأجانب،بدل مساعيه التقليدية.

 

إن السياحة في موريتانيا تدفع ثمن الغطرسة الفرنسية والتصنيف الظالم للبلاد، وفشل المسؤولين المكلفين بقطاع السياحة في ابتكار وسائل مقنعة، وأقل تكلفة من الرحلات المكوكية، واستقدام الأجانب في رحلات خاصة، تحت حماية وحدات عسكرية، تشعرهم بالخوف من الواقع الذي يتحركون فيه من خلال المظاهر العسكرية الزائدة، بدل إشعارهم بالطمأنينة.

 

إن السائح الذي يصل إلي البلاد يشعر بالقلق حينما يري حوله وحدات الجيش في كامل تجهيزها، فقد يتصدي الجيش لأي محاولة من شأنها تكدير صفوه، لكن من سيجازف بحياته للدخول إلي منطقة محيمة فقط بقوة السلاح؟ ومن سيقبل التحرك في منطقة قد تكون ساحة حرب في أي لحظة؟ . حياة السياح أهم من قداح يط!.

 

كما أن الجانب المكلف بالسياحة معني بالتركيز علي الندوات السياسية والأمنية التي تستعرض جهود  الدولة، وتأمين الحدود، وتراجع العمليات العسكرية عليها، فالإعلام هو الذي يشكل رأي صناع القرار في الغرب، وهو الذي يجبرهم علي تغيير نظرتهم لأي دولة.

 

أما المواعظ المتكررة للسياح الغربيين، والتلويح بجزرة الألعاب التقليدية وأنماط الغذاء المتداولة، فهي أشياء مسلية في وقتها، لكنها ليست ضامنة لسلامة عجوز أوربي يريد أن يستمتع بآخر أيامه خارج أسوار القاعدة وأخواتها في المنطقة.