في زمن حركة 3 أغسطس 2005 انطلقت في موريتانيا قافلة إعادة التأسيس والإصلاح، وسوف تستمر في السير بإذن الله!
وفي هذا الزمن أيضا بلغ الحقد الأسود على هذا التوجه الوطني ببعض الصحف والمواقع "الحرة" مدًى جعلها تنحرف برسالة الإعلام المقدسة عن نهجها الصحيح وتستخدمها في غير محلها ولغير الهدف الذي أنشئ من أجله الإعلام؛ بوصفه مؤسسة تنوير وهدى. وكان أكثر الرموز استهدافا من طرف هذا النوع الرخيص من التضليل هم البيظان والجيش والرئيس، لما لهممن أهمية؛ بصفتهم أساس الدولة والخيمة والكوخ.
انظروا مثلا مقال "زمن عزيز نهاية البيظان" غير الموقع، المنشور في أحد المواقع مع رسم هزلي يقطع فيه الكيان الوطني والعلم؛والذي يزعم كاتبه أن زمن عزيز "ولدت فيه أسطورة بيرام الذي أحرق القرآن الكريم والحديث الشريف.." و"شهد احتقارا منقطع النظير لشريحة البيظان وذمها وسبها وتخويفها على الملأ وفي التلفزيونات الرسمية، ولم يعد أي أحد من تلك الشريحة يستطيع طرد الذباب عن فمه" و"ولد وان بيران ولا تلمس جنسيتي وأحرقت السفارة الموريتانية في باريس ومزق العلم الوطني" و"نهبت ولاية تيرس" و"اقتحم مركز الدرك في مقامة" و"سكن الناس عند القصر، وتبول المتظاهرون على جدرانه ولم تبق للدولة هيبة".. الخ.
لكن، ترى أيجهل كاتب هذه السطور أن للموريتاني - أيا كان مستواه- وعيا حسيا يصونه عن الانجراف خلف هذه الترهات وتصديقها، أم إنه يتجاهل ذلك ويتعمد المغالطة التحريضية لعل وعسى؟
أما نحن الذين عايشنا ردة العاشر يوليو وما واكبها من انهيار وانحطاط ونهب وتدمير على مختلف الصعد، وعضضنا بالنواجذ على الوطن في سنوات الجمر، فنذكره بما يلي:
1. أن أسطورة بيرام التي يتحدث عنها إنما هي - في معظمها-بقية مما ترك ذلك الزمن البغيض؛ حيث كان تعميده من قبل المرحوم أحمد ولد منيه، ودخوله محافل الحقوقيين في ظل الطبعة الأولى من لجنة حقوق الإنسان، أما ترعرعه وتلميع صورته فصنع في منابر بعض "المعارضات" والصحافة "الحرة" والمجتمع "المدني".
2. أن وان بيران ولا تلمس جنسيتي وما تم من حراك في تيرس ومقامة وسكنى الناس أمام القصر.. هذه كلها ظواهر صحية وردود أفعال طبيعيةعلى مسيرة الإصلاح الرائدة؛ سواء منها ما تعلق بضبط الحالة المدنية ودخول الأجانب والمهاجرين، وما تعلق بالصراع الاجتماعي غير العدائي - إن لم يستغل- بين مختلف فئات ومكونات المجتمع التي أصبحت ترى في حراكها الاجتماعي - وخاصة ما منه أمام القصر- سبيلا لطرح وحل مشكلاتها التي أصبح هناك من يهتم بها.
3. أن عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، حتى إذا سلمنا جدلا بأنه شهد ظهور ما نسبه إليه كاتب المقال من ظواهر سلبية، تميز أيضا بظواهر وأمور أخرى إيجابية كان على إعلامنا الحر المبدع تتبعها وذكرها مقابل ما يتتبعه ويذكره من سلبيات. ومنهاعلى سبيل المثال لا الحصر:
- إطلاق الحريات وإقامة ديمقراطية شفافة نسبيا وأكثر عدلا ونزاهة، عززت المؤسسات الوطنية وأرست قواعد الدولة رغم الثغرات والعيوب الطبيعية.
- خفض أعباء الدولة والحربُ على الفساد والفقر والتهميش.
- الحرب على الإرهاب.
- بناء جيش وطني قوي حمى البلاد وحقق الأمن.
- بناء اقتصاد وطني واعد يعتمد على الصناعة والزراعة والصيد.
- إنهاء مأساة أحياء الصفيح المهدورة.
- فك العزلة عن مختلف مناطق وجهات الوطن وتوفير الماء والكهرباء والبنى الضرورية في معظمها.
- تحويل مثلث الفقر إلى مثلث للأمل.
- ضبط الحالة المدنية والعبور وإحصاء الأجانب.
- إنهاء علاقات الذل المخزية مع الكيان الصهيوني الذي عشش في ربوعنا.. الخ ..الخ ..الخ.
صحيح أنه ما يزال هناك كثير وكثير مما يجب عمله، وأن الفساد ما يزال - رغم نجاعة بعض الإجراءات- يخيم في بعض مفاصل الدولة ويحتمي بمتاريسه المتعددة، وأن العدالة غائبة لأن القضاءوالإدارة والتعليم والصحة والمالية لم تمسسها يد الإصلاح بصورة جدية بعدُ.. "ومع ذلك فهي تدور"!
4. أن البيظان لن ينتهوا.. لأنهم شعب، والشعوب لا تموت ولا تنتهي؛ ولأنهم هم أصحاب هذه الأرض ولن يفرطوا فيها أو يتخلوا عنها؛ ولأنهم - وهذا أهم- بدؤوا يستفيقون ويعودون تدريجيا إلى سيرتهم الأولى التي بموجبها نالوا ثقة وزعامة كافة مكونات الوطن!