الفراغ يجتاح الحوض الشرقى .. ضعف تخطيط أم إرادة نظام؟

كشف الحرائق التى هزت ولاية الحوض الشرقى خلال الفترة الأخيرة غيابا تاما للإداريين المكلفين بتسيير أمور المنطقة عن واقع الناس، وضعفا فى الأجهزة الأمنية المكلفة بتأمين أرواح وممتلكات المواطنين.

أربعة ضحايا بعضهم بين الحياة والموت، وخسائر باهظة فى الممتلكات، والتهام النيران لمساحات شاسعة تعتبر شريان الحياة للآلاف من المواطنين، وقرى حاصرتها النيران، وهلع أنتاب الجميع.. مآسي جمة ضربت المنطقة الواقعة فى التماس بين الحوض الغربى ولحوض الشرقى الشرقى دون أن تثير اهتمام أي شخص من النخبة الإدارية المكلفة نظريا بتسيير حياة الناس !.

 

مصادر زهرة شنقيط أحصت أربعة أشخاص كانوا ضحية للنيران الأخيرة ، ثلاثة منهم فى "القوقرى" بمركز أعوينات أزبل الإدارى، وآخر فى "حاسى أهل سيدي حيبله بالحوض الغربى، لكن النيران أكلت جسمه الغض فى المنطقة الواقعة غرب "القوقرى" بالحوض الشرقى (مصدر النيران)، مع خسائر باهظة فى قطعان الإبل بالمنطقة والمراعى.

 

يقول السكان إن ممثلى الإدارة الإقليمية كافة على علم بما حصل بفعل تداوله عبر الإعلام والسيارات العابرة للمنطقة كل يوم، لكن لم يجد أي مسؤول منهم لحظة فراغ للإعراب للضحايا عن أسف الدولة جراء الحادث، أو إشعار المكلومين بأن فى البلد سلطة تهمها حياة البشر!.

 

يتحدث أنصار الرئيس فى العاصمة نواكشوط عن إدارة قريبة من الناس، ويتطلعون إلى ماهو أكثر (ملك وشعب وبيعة على المنابر)، ويتحدث الناس فى المناطق الشرقية المنكوبة عن مسافة فاصلة بين الآلام القائمة والتصرف المؤمل من سلطة تجاه بعض مواطنيها المكلومين، وعن اتساع الهوة بين الإداريين والشعب، وعن غياب أي ثقافة  أو تصرف من شأنه ترسيخ قيم الجمهورية أو إشعار المواطنين بأنهم جزء من بلد يحترم شعبه أو يتألم لمصائب بعض مستضعفيه.

 

فى المستشفى الوطنى بالعاصمة نواكشوط تذرف شقيقة "عالى ولد خطر" الدموع بحثا عمن يقدم لها الدعم لإنقاذ حياة شقيقها، بينما يتمتع وزير البيئة "آمادى كمرا" بما كسبته يداه خلال السنوات السبعة التى فوض فيها لتسيير القطاع، مستفدا من توازنات عرقية باتت أبرز محدد لبوصلة الأنظمة الحاكمة بموريتانيا، دون أن يكلف نفسه بالاتصال بالمصالح التابعة له لمعرفة واقع المنطقة أو زيارة ضحايا الإهمال الذى يرعاه قطاعه، أو الشعور بالأسى والألم بعد أن فشلت مصالحه فى شق أي خط قد ينقذ ولو كيلومترا واحدا من المراعى أو يخفف لهب النيران وهى تزحف باتجاه السكان وممتلكاتهم داخل منطقة رعوية بالغة الأهمية لقاطنيها.

 

ضعف الإدارة المحلية واضح لاجدال فيه، وغياب بعض رموزها عن مكان العمل فاقم الأزمة، وانشغال الرئيس بالحوار وسفر وزير الداخلية كلها أمور عقدت من واقع الناس بالحوض الشرقى، ورفعت من حجم المعاناة فى بلد تزداد فيه مظالم الناس، كلما أنشغل الساسة بالحوار وتقاسم السلطة والنفوذ.