اكتظاظ الأقسام أبرز ملامح الترحيل ... أين وعد الرئيس؟

تعيش أغلب مدارس الترحيل بالعاصمة نواكشوط ظروفا صعبة بفعل اكتظاظ الأقسام، وضعف البنية التحتية، حيث يدرس آلاف الأطفال في أكواخ من الخشب شبيهة بتلك التي كان آبائهم يسكنونها قبل إعادة هيكلة الأحياء الشعبية بنواكشوط.

 

 

مأساة بلد وضياع جيل...

 

في بداية 2009 قررت الحكومة الموريتانية رسميا وضع حد للأحياء العشوائية بنواكشوط، وسط حالة من الارتياح في صفوف الآلاف من فقراء العاصمة المنكوبة بسياسييها، غير أن ضعف الأجهزة المكلفة بالعملية، وكثرة المستهدفين بها، وغياب أي رؤية مصاحبة للأسلاك الوظيفة الأخري حول حياة المهجرين الجدد إلي جحيم.

 

شملت إعادة هيكلة الأحياء الشعبية أكثر من 100 ألف أسرة في ثلاث مقاطعات رئيسية هي: (دار النعيم- عرفات- توجنين)، وهو مايعادل بالفعل نصف سكان العاصمة نواكشوط حسب آخر احصاء رسمي قامت به الدولة الموريتانية قبل أربعة أشهر.

 

إجراءات كانت قاسية  بالفعل علي البعض، لكنها كانت بمثابة ميلاد جديد لأسر أخري، عاشت أكثر من عقدين في أكواخ القصدير أو في ضيافة الأقارب، أو أمام منازل الغير كعمالة مهاجرة مع وقف التنفيذ.

غير أن القطاع المكلف بالعملية (الإسكان) تصرف دون تنسيق مع القطاعات الوزارية الأخري وخصوصا التعليم والصحة ودون دراسة لحاجيات العملية التربوية والصحية رغم الحاجة الملحة لهما شعبيا ورسميا لاحتواء آثار العملية المكلفة ماليا والمعقد إداريا.

 

قامت وزارة الإسكان ببناء مدارس محدودة في بعض الأحياء الجديدة، وعمدت وزارة التهذيب إلي بناء أكواخ من الخشب في بعض الأحياء الأخري في إصرار من القطاع الوصي علي التعليم علي تذكير السكان بماضيهم السيئ الذي حاولوا الفرار من قبضته، أو حاول الرئيس إنقاذهم منه بعد توليه قيادة البلاد في انقلاب عسكري سنة 2008.

 

غير أن المراكز التي وفرت الإسكان أو تلك التي وفرت وزارة التهذيب ظلت كلها قاصرة عن تلبية الحاجة المتزايدة لسكان الأحياء الشعبية، مما انعكس سلبا علي حياة الناس فيها وقدرة الأطفال علي التحصيل.

 

في العرف التربوي العادي يتكون القسم من 30 طفلا إلي 35 طفل مما يسهم في إراحة الأطفال نسبيا، ويساعد المدرس علي توصيل المعلومة بشكل مقبول لتلاميذه، غير أن الحالة في كافة الأقسام بالترحيل تبدو مغايرة للأسف، إنها كارثية بكل المقاييس التربوية والصحية.

 

تشير المعلومات المتوفرة لدي موقع زهرة شنقيط إلي احتضان كل كوخ في الترحيل لما يقارب أو يزيد علي 100 طفل، وهو أمر حول مدارس المنطقة إلي جحيم لايطاق، وأضعف قدرة الأطفال القابعين فيها علي فهم الدروس أو الاستفادة من الفترة العمرية التي هم في أمس الحاجة للتعليم فيها.

 

جهل بواقع القطاع أم إهمال مقصود؟

 

في الثالث عشر من أكتوبر 2014 فتحت المدارس رسميا أبوابها أمام الأطفال، وصعدت وزارة التهذيب من حملتها الإعلامية قبل افتتاح السنة الدراسية،غير أن مدارس الترحيل لاتزال تعاني من وطأة التهميش والإهمال، وتنتظر وعود الرئيس أو زيارة الوزير.

 

في الثامن والعشرين من نوفمبر 2014 اعلن رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز تخصيص سنة 2015 للتعليم، وهو أمر جيد كما تقول النقابات التعليمية العاملة في موريتانيا،غير أن سكان الترحيل يدركون أن سيف الإهمال قد يحول دون تنفيذ وعود الرئيس التي سمعوها في المذياع أو تداولها سائقو التاكسي بعد عيد الاستقلال.

 

زار ولد عبد العزيز منذ انتخابه رئيسا للبلاد سنة 2009 أكثر من مركز ومقاطعة ومصحة، لكنه لم يقم بزيارة واحدة لأي مركز تعليمي في مناطق الترحيل النائية، وإن قرر أن يزورها في المستقبل سيكون برنامج الزيارة معد سلفا من قبل الفاعلين في ديوانه لحجب أكواخ القصدير والاكتظاظ وأوجه المأساة كافة عن ناظريه.

 

غير أن صرخة أطفال الترحيل تظل قائمة، وحاجتهم إلي العناية تظل واضحة، زار الرئيس أو الوزير أو قررا الاحتجاب عن الرعية، ومخاطبة المعنيين من وراء شاشات تلفزيونية تخفي الكثير من تجاعيد الوجه والعجز عن الإنجاز.

 

-------------

(1) - حلقات تسلط الضوء علي واقع التعليم بنواكشوط