هل اكتشف دعاة المقاطعة حجم الخطيئة السياسية التى ارتكبوها؟

أربعة شيوخ فقط يكفون لوقف العبث بالدستور، ومنع الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز من تمرير مشروعه السياسى وهو يحزم حقائبه لمغادرة السلطة تاركا مكانه لمدنى أو عسكرى آخر.

 

حقيقة يتداولها زعماء المعارضة بمرارة هذه الأيام، وهم يدركون أن مقاطعة الانتخابات الأخيرة أسهمت فى تفكيك الثلث المعطل الذى كانوا يمتلكونه داخل مجلس الشيوخ، وحرمتهم من ثلث آخر كان يمكن تأمينه داخل الجمعية الوطنية لو كانوا لمثل هذه المواقف يخططون!.

 

فرص كثيرة أتيحت لقوى المعارضة بموريتانيا خلال السنوات الأخيرة من أجل تعزيز مواقعها داخل البرلمان فضيعوها، أما اليوم فلا سبيل لتأمين الثلث المعطل سوى باستجداء النواب والعمل من أجل إيقاظ الضمائر الممسكة بزمام الأمور على أرض الواقع بعد أن ظل أصحابها فى مرمى سهام المعارضين طيلة السنوات الثلاثة الماضية، تبخيسا وتنكيتا ورفضا للمسار الذى أوصلهم للمقاعد البرلمانية، وسخرية من الأحزاب التى تحملت رمضاء الفعل الديمقراطي للمحافظة على وجودها داخل المؤسسات الدستورية بدل الركون لأحاديث المقاهى وردات الفعل غير المحسومة.

 

فى لبنان أنهار عقد التحالفات الكبيرة وعطل تشكيل الحكومة أكثر من سنتين، ومورست ضغوط عسكرية وسياسية على حزب الله ومعاونيه من حركة أمل غية حملهم على القبول بجسم سياسى لايمتلكون فيه الثلث المعطل أو الثلث الضامن فرفضوا كل الحلول المقترحة وأكدوا أن التفريط فى الثلث داخل المجالس المختصة باتخاذ القرار انتحار، وكانت فى النهاية الكلمة لهم فشكلوا الحكومة وأخذوا الرئيس وضمنوا تحصين البلد من كل التعديلات غير القانونية، أما فى موريتانيا فيفكر الساسة بمنطق الحجيج..

 

يدرك أ÷ل السياسة والقانون أن من لايمتلك الثلث المعطل داخل البرلمان غائب، وأن من فرط فى الثلث المعطل داخل المجالس الشورى غيب، وأن الحاضر بقوة فى الهيئات القيادية أقدر على التوجيه من غيره، وأن السياسى الذى يمتهن المقاطعة يقترب فى تفكيره وتدبيره من مراكز استطلاع الرأي، يمكنه أن يرصد الواقع لكنه أعجز من أن يغير مسار الأحداث مهما كانت الصورة واضحة له، والخطر الذى يخشاه قاب قوسين أو أدنى من الوقوع.

 

اليوم يدرك قادة الفعل المعارض بموريتانيا دون غيرهم مرارة الفعل الذى أرتكبوه ، فحزب معارض واحد من مجمل التشكيلات السياسية المناوئة للرئيس هو المخول بالكلام داخل البرلمان وخارجه، بينما لايمتلك غيره ممن تباهى بالمقاطعة ونظر لها – ولو من قادة الحزب ذاته- سوى الركون للشائعات أو إطلاق وسم على أتويتر، لن يقرأه أي نائب أو شيخ، أو المراهنة على غضب بعض المنتمين للأغلبية من أجل إجهاض التعديل الدستورى، وهو غضب يحتاج هو الآخر لتصويت نواب وشيوخ تواصل من أجل تحويله إلى منتج صالح للتأثير والإستعمال.