شكل إعلان القوات المسلحة بموريتانيا عن إحباط ثالث عملية تهريب عبر للبحر، واعتقال أبرز الضالعين فيها رسالة بالغة الأهمية لبعض الدول الإقليمية الراغبة فى اختراق الحصار المفروض منذ سنتين على حركة العبور "بشكل حر" نحو القارة السمراء.
مغربى وسبعة من رفاقه السينغاليين فى قبضة الجيش الموريتانى بعد عملية تهريب فاشلة للحشيش فى عرض المحيط، وعملية أخرى مشابهة قبل أيام أطاحت بخمسة موريتانيين وقارب صيد من الجارة الجنوبية، وأخرى قبالة نواكشوط أطاحت بضابط فى القوات المسلحة وأربعة أفارقة أستهوتهم مغامرة تهريب الحشيش عبر مياه المحيط قبالة العاصمة نواكشوط، ضمن حرب مفتوحة على كل الاحتمالات بين شبكات التهريب القادمة من خلف "الكركارات" بشكل شبه أسبوعى، والقوات المسلحة الموريتانية المكلفة بمحاربة الجريمة العابرة للحدود، بغض النظر عن الضالعين فيها.
تجنب الجيش الموريتانى فى بيانه القصير ذكر مصدر الشحنة المصادرة والسفينة الهاربة، لكن التسريبات المترافقة مع البيان الأخير أشارت بوضوح إلى وقوف شبكة تهريب دولية تتخذ من الأراضى المغربية مقرا لها خلف كل عمليات التهريب الأخيرة، وبات الإعلان عن هوية المعتقلين مجرد دليل آخر يكشف عن مدى التغاضى فى الطرف الآخر، ومدى تورط رجاله فى تجارة الاتجار بالحشيش.
طرف لايريد التفاوض بشأن الواقع القائم، ويرى أن كل تدقيق يستهدف حركة العربات والأشخاص عبر الحدود هو استهداف لحرية التنقل، وإضرار بالمصالح المغربية واستفزاز للعاملين فى المجال.
تهم تحاول الحكومة الموريتانية تفادى الرد عليها، مع تأكيد صارم لدى مجمل النقاط الحدودية على القيام بحملة تفتيش مكثفة لمواجهة أي تهريب للحشيش إلى موريتانيا أو إلى دول الجوار عبر الأراضى الموريتانية، بغض النظر عن الجهة الفاعلة أو الكمية المهربة أو التداعيات الأمنية لأي اعتراض قد تنفذه القوى الأمنية على اليابسة أو فى عرض البحر، الذى بات هو الآخر محطة تجاذب بين المهربين والجيش.
قبل أشهر قليلة أعلنت الرباط عن خط غاز يعبر المياه الإقليمة الموريتانية دون أخذ الموافقة المبدئية من حكام نواكشوط، وتتالت التصريحات المبشرة بعهد جديد فى الرباط بفعل الغاز القادم من نيجيريا، بينما بدت الحكومة الموريتانية متشبثة بالصمت فى مواجهة التصريح والتلميح والاستفزاز.
غير أن الرسالة التى أرادت القوات المسلحة عبر العملية الأخيرة إبلاغها للأطراف المعنية أن إمكانية خرق المجال البحرى خط أحمر، وأن خطوط الغاز والحشيش تحتاج إلى إذن من الدولة المطلة على أكثر من 700 كلم من المحيط الأطلسى، وأن القوات المكلفة بتأمين الشواطئ الموريتانية قادرة على حمايتها، وأن أي خرق للمياه الإقليمية سيتم الرد عليه بقوة وحزم وسرعة وبتفويض مسبق دون الحاجة للعودة إلى صناع القرار.