قالت مصادر واسعة الإطلاع لموقع زهرة شنقيط إن صفقة الكهرباء الأخيرة كانت بمثابة البركان الذى هز أركان الأغلبية الداعمة للرئيس، وأعاد تشكيل هرم السلطة، بعد أن أكتشف الرئيس توريطه فى صفقة خيالية مع مستثمرين من الهند، بخسارة تبلغ 35 مليون دولار للدولة الموريتانية.
وقالت المصادر إن الحكومة الموريتانية طرحت مناقصة خاصة بالصفقة المخصصة لنقل الكهرباء من العاصمة نواكشوط إلى نواذيبو، ورست المناقصة على الشريك الهندى بمبلغ 140 مليون دولار.
وبعد اتصالات أجريت على أكثر من مستوى، تم الحصول على تمويل من المملكة العربية السعودية ( ثانى أكبر شريك مالى لموريتانيا)، ضمن مسار أتسم بالتحسن خلال الفترة الأخيرة.
غير أن تقريرا سريا وصل للرئيس من بعض الأطراف الفاعلة فى الشركة الوطنية للكهرباء، أبلغ عن وجود خدعة للدولة الموريتانية ستخسر بموجبها 35 مليون دولار دفعة واحدة، إذ أن التكاليف المفترضة لاتتجاوز 105 مليون دولار فى أقصى تقدير، مع مطالبة الرئيس باعادة النظر فى الصفقة التى أجازها الوزير والمدير وتم التوقيع عليها مع الشركاء الهنود، وحصل تمويلها من قبل المملكة العربية السعودية.
الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز أمر مدير الشركة "المرخى" بالغاء الصفقة فورا، وطالب محافظ البنك المركزى ولد الداهى بتحويل مبلغ 20 مليون دولار التى طرحها الشريك الهندى كضمانة إلى الخزينة العامة للدولة بتهمة الإحتيال والنصب، وأبلغ الطرف السعودى رفضه لتمويل السعودية للمشروع بشكل نهائى.
تطورات تسارعت فى الأشهر الأخيرة، وزاد من تعقيدها زيارة الرئيس لبوادى تيرس زمور فى وقت بلغت فيه الأزمة بين الحكومة والشريك الهندى ذروتها، بعد أن قرر رفع دعوى قضائية ضد الحكومة الموريتانية، وألقت بظلال من الشك حول العلاقات الموريتانية السعودية،بعد أن وصلت رسالة من السعودية تطالب بتنفيذ المشروع قبل تخلى الحكومة السعودية عنه، وهو ما أعتبرته الحكومة الموريتانية تدخلا فى شؤونها الداخلية، ومحاولة للتأثير على القرارات السيادية لها، فقوبل الجميع برفض مطلق من الرئيس.
حراك الشركة الهندية القانونى مر عبر بوابة "باريس" وتحديدا من مكتب شهير للمحاماة ينشط فيه محامى الرئيس ومستشاره "جمال ولد محمدو" الذى حمل الملف على وجه السرعة إلى موريتانيا من أجل تقديم شكوى ضد الحكومة (نظريا) أوالبحث عن حل للأزمة بشكل ودى مع الحكومة الموريتانية ، وهو ماتعزز فرصه بعد لقاء المحامى مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز وإطلاعه على التفاصيل القانونية الدقيقة.
شروط لامفر منها قبل أي حلول ؟
الرئيس محمد ولد عبد العزيز رفض التراجع عن قراراته، وأعطى للشركة ثلاثة شروط قبل الدخول فى أي تفاوض بشأن الصفقة التجارية التى تعتبر الأهم بموريتانيا منذ فترة.
أول الشروط هو معرفة الوسطاء فى الصفقة والعمولة التى يفترض أن الشريك الهندى برمج عليها قبل فوزه بالصفقة، فى محاولة لكشف خيوط بعض القضايا الداخلية ذات التفاصيل المربكة لصناع القرار بالبلد.
أما ثانى الشروط فهو التخلى عن التمويل السعودى والبحث عن خيار آخر، إذ أن محاولة السعودية – أو من دخل على الخط معها- للتأثير على قرارات الحكومة الموريتانية فى قضايا داخلية بحتة أمر مرفوض.
أما الشرط الثالث فهو الغاء 35 مليون دولار من أصل الصفقة، مقابل إستعادة الأموال التى تمت مصادرتها والقبول بتنفيذ الشركة الهندية لخط الكهرباء الرابط بين نواذيبو ونواكشوط.
وتقول مصادر زهرة شنقيط إن الشريك الهندى رضخ فى نهاية المطاف للشروط الثلاثة، وإن الحكومة الموريتانية أبرمت تسوية قانونية معه، مقابل تخفيض سقف الصفقة التجارية إلى 105، وأخذ التمويل من بنك تجارى صينى لديه فرع فى "انيودلهى"، والكشف عن المتعاملين مع الشركة الهندية من الجانب الموريتانى.
وتقول مصادر زهرة شنقيط إن مسار الصفقة والجدل الدائر بشأنها كان أبرز تحدى واجهته الأغلبية خلال الفترة الأخيرة، وأهم عامل أربك العلاقة بين الرئيس وبعض معاونيه السابقين.