تزداد العناوين وتتلاحق التحليلات لما إستجد من تطورات على قضية شعبنا خاصة بعد صدور القرار الأخير لمجلس الامن الدولي وموقف البوليساريو منه ،ولأنها الصحراء الغربية وشعبها المتعلق بالحرية كان الإهتمام والمتابعة ،وكانت الأنظار تتجه إلى مداولات مجلس الأمن الدولي.وإذ نحترم جميع التقييمات مهما إختلفت ،إلا أننا لسنا هنا بوارد تقديم الإجابات عن الكثير من الأسئلة المتأرجحة والمثارة بإلحاح وسط شعبنا بعد صدور القرار ،بقدر ما نحن نعبر عن وجهة رأينا الشخصية لأننا ندرك حجم الخطر الذي كان ينتظر البوليساريو، ونقدر حجم الإنجاز وأهميته، فبدلا من الهزيمة والإنكسار وتداعيات ذلك على مسار كفاح الشعب الصحراوي، نشهد الصمود والرفعة الصحراوية وأخذ العالم مواقف البوليساريو بعين الإحترام والتقدير والاعتبار والحسبان، والتعامل معها بندية وكفاءة مما يدلل على قيمة الإنجاز الذي تحققه الدبلوماسية الصحراوية وهي تعتمد على قوة الحجة والبراهين التي تجعل القضية الصحراوية الأكثر عدالة، وتُبقي البوليساريو محترمة وحاضرة بقوة على ساحة الفعل الدولي
فالبوليساريو التي لا تخشى الدفاع عن حق شعبها، إستطاعت أن توصل للعالم أنها عندما تعبر عن إرادتها في الحل العادل وإشاعة السلام بالمنطقة بصفة دائمة، فلأنها تريد السلام فعلاً، وتستعجل تحقيقه وتدفع به لكنها غير مستعدة أبدا للتفريط بحق الشعب الصحراوي ولا تقبل المساومة عليه.فالعالم يعرف أنه لم يكن لوقف إطلاق النار أن يدخل حيز التنفيذ لولا موقف البوليساريو الداعم لروح السلام، والمغاربة انفسهم في كل جلساتهم يعترفون للوفد الصحراوي أن لا فرصة للحل بدون موافقة البوليساريو وهو كلام ردده كثيرا السيد الفهري في جلسات المفاوضات المباشرة
وإذا ما عدنا إلى بداية مخطط السلام الأممي الإفريقي، وإستعرضنا الموقف الصحراوي منذ بداية المساعي الدولية وحتى إستتقالة السيد اكريستوفر روس، يرتسم أمامنا خطٌ بياني واضح للموقف الصحراوي المستند إلى جملة من القواعد والأسس والثبات معاً، أهمها قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها بدون إكراه.فالبوليساريو كسبت ولم تخسر رغم مرارة طول المرحلة ، لأنها راهنت على الشرعية الدولية وتعزز نفوذها ولم يضعف، وأثبتت أنها ليست مجرد رقم قابل للتغيير والتبديل .ونحن نعرف من خلال عديد الأحداث والمتغيرات الدولية سابقا وفي ظروف دولية صعبة أن البوليساريو لم تكن أبدا طرفا ضعيفا يمكن بلعه أو ترويضه، أو جعله ألعوبة في أيادي أممية غير أمنة. وأعطت البوليساريو درسا على أن الصمود والثبات والتمسك بالحقوق المشروعة، سياسة مجربة حصيلتها فضح التعنت المغربي والتحيز الفرنسي.
فرنسا التي رفعت هذه المرة كثيرا من وتيرة شد حبال افتراءاتها ضد الشعب الصحراوي مستغلة عديد العوامل الدولية لتمرير دسائسها وتبرير عدوانها الواضح ضد شعبنا ،إلا أنها فشلت في خلق إشتباك سياسي بين الأمم المتحدة والبوليساريو،وما إن إشتدت وتيرة المواجهة بين الحق والباطل حتى تبين أنه من الصعب تسويغ ما تروج له فرنسا والسينغال داخل قاعات مجلس الأمن و أن تخندق المغرب وراء أكاذيب لم يعد مسموحاً لها أن تمر، سواء عبر مجلس الأمن بممراته الرئيسية أو في كواليس السياسة وطاولاتها الجانبية حتى سلمت فرنسا كيف لوزن ديك ان يقارن مع حجم دب ؟
اكاد أجزم أخيرا أن وزن فرنسا غشها و صدمت بهذا الهدوء الدبلوماسي الصحراوي، وكيف أن البوليساريو تحلت بالمرونة، وقرأت دقائق الوضع السياسي الإقليمي والدولي وتعاملت معه بواقعية، إنتصرت اليوم لأنها تعرف أن السياسة لعبة قوة حتى لو تطلب الامر أخذ قرارات مؤلمة فهي تحتاج إلى قدرة من التحمل وتعاملت مع حلفائها وغيرهم ومع كل النقاط التي طرحت على الطاولة بصرامة ورزانة وحكمة حتى أفشلت ما كان يراد له أن يمر من تحت الطاولة . وأظن أننا مقدمون على مرحلة جديدة مطالبون جميعا كل من موقعه وبأنسجام بالإستعداد لها حتى يتأرجح ميزانها لمصلحة قضية شعبنا