ولد أبو المعالي ينعي صديقه الشيخ ماء العينين

لما نعى الناعي كليبا أظلمت، شمس النهاري فما تريد طلوعا
*****
تمهل أيها الناعي رويدا، وبل الجفن بالدمع الهتون كانت صدمة وأي صدمة..
الرحيب المفاجئ لصديق الطفولة وخليل المراهقة ورفيق الشباب، الشيخ ماء العينين ولد النبوي ولد العباس.. فجأة ودون أي سابق مرض أو نذير رحيل، هكذا دون وداع أيها الصديق العزيز..

صعقت لهول النعي، وضاق علي المكان بما رحب، فخرجت ألتمس هواء التنفس.. وهربت من نفسي إلى نفسي، أحتاج وقتا على انفراد لأستوعب الخبر.. فقد غصت الذاكرة بزحام ذكريات كثيرة وكثيرة، وذكريات طفولية برئية عشناها معنا، ومراهقة مجنونة قضيناها سويا، ومرحلة شباب صغي تخاللنا فيها تسامرنا وترافقنا سويا، كان من أحسن الرفقة خلقا وأكثرهم رزانة، وكان صادقا في حديثه وفعله، فقد كنا نسميه "الأزرك" أحيانا، لأنه لا يعرف الخديعة ولا المكر، بل كان صديقا صادقا، وكانت كذبة الزاعمين أن لا وجود للخل الوفي، نعم، فلقد كان الشيخ ماء العينين خلا وفيا، وفاء ضحكته المميزة، والتي لا يزال صداها يتردد في أذني.
كان آخر لقاء بيننا قبل فترة حين زارني في المكتب، وأثناء النبش في ثنايا الذاكرة، ضحك تلك الضحكة المعهودة، قلت لا تزال "ذات الشيخ ماء العينين أيام الود".
المعذرة فالكتابة لا تسعغني الآن.

اللهم اغفر له وارحمه وعافه، واعف عنه، واكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خير من أهله وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار.