بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين
. . . ثورة المدرسين :
يتجه المدرسون هذه الايام إلى مدارسهم وقد غمرتهم خيبة أمل كبرى .
فبدلا من أن يكون العام الجديد باعثا على النشاط والحيوية لدى المدرسين , فإن تلك الخيبة تجعلهم يأتون إلى مدارسهم بخطوات متباطئة , وعقول حائرة , وروح مستسلمة . وذلك بسبب رتابة رواتبهم التى لاتلبي عشر حاجياتهم , وتجاهل السلطات الرسمية لأوضاعهم , وممارستها التمييز ( العنصري ) بحقهم , في حين تعمل على تحسين ظروف نظرائهم فى القضاء والإدارة المحلية مثلا (وهذا حقهم ) , حيث صارت علاوة القاضى والحاكم أكبر من راتب المدرس بحاله فيما تضن علي المدرسين بمجرد الوعد وهو ما جعلهم يزهدون فى الجهد الذي يقدمون والمهنة التى يمارسون .
هاهو المدرس يتنقل من مكان إلى آخر زاده الصبر علي المعاناة , مع تنكر فاضح لسمو مهنته وحساسية دوره , ليبقى مثالا للطاعة والانصياع وحقلا أخيرا لإثبات سلطة الدولة .
إننى إذ أدعو المدرسين إلى مزيد من الإخلاص والجد والتفاني لأداء الرسالة النبيلة كواجب ديني ومجتمعي ووطني فإنني أدعوهم إلى اليقظة والتبصر تجاه وطن ينهار بانهيار تعليمه وتنكيس قيمه بجعل المدرس متسولا بباب سلطان لا يرحم , ولينفضوا أيديهم من دعمه وموالاته إلى البحث عن بديل آخر في نظام آخر يضع التعليم ليس تحت أخمص قدمه – كما هي الحال الآن - وإنما يضعه نصب عينيه باعتباره المدخل لكل خير يرجي والدرع الواقي من كل شر يخشى . حيث لا أمن إلا بالتعليم , ولا تنمية ولا بناء إلا بالتعليم , ولا ديمقراطية إلا بالتعليم , ولا تعليم إلا بتحسين ظروف القائمين به الذين يلقنون العلوم والمعارف ويزرعون الأخلاق وينشرون الوعي .
فالتنكر للمدرس ومكانته عقوق ودليل علي تنكيس في قيم المجتمع , ومضيه في طريق الإفلاس والفساد.
فبدلا من أن تمنح السلطات من التشجيعات ما يغري لاستبقاء المكونين للتدريس من جهة , وتسابق ذوي الكفاءات إليه من جهة أخرى (ما يجعل القطاع جاذبا لا طاردا )، إذا بها ترفع عصاها الغليظة وتذود المدرسين كالقطيع إلى الرقعة الجدباء .
وما ذلك إلا دليلا علي التعاطي السلبي والنظرة الاستعلائية من السلطة اتجاه المدرسين والتعليم بصورة عامة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته
بقلم : أحمد جدو ولد محمد الأمين الجيلانى