في مساء من مساءات انواكشوط الحارة في منتصف شهر اغسطس 2008 اتصل بي المرحوم الشهيد الخليل سيد امحمد ليزف بصوته الحنون الخبر شيخ الانتفاضة المرحوم ديدا بن اليزيد في طريقه الى انواكشوط رفقة ابنته و سيتصل بكم عند دخوله العاصمة.
كان الشهيد حينها في بداية مشوار تحدي الغزاة و كانت قد بدات صوره تنتشر في الاعلام الوطني ، كان ينوي التوجه الى مخيمات العزة والكرامة . قضى الشهيد المرحوم ليلتين لا اكثر في انواكشوط قبل ان يتوجه الى ازويرات ليعود للعيون ويقرر التوجه لمخيمات العزة والكرامة جوا من الدار البيضاء في تحد كبير للغزاة حيث اجتاحت صور الشيخ التسعيني الاعلام الدولي وهو متدثر بالعلم الوطني في الجزائر وفي مخيمات العزة والكرامة.
حديث المرحوم جميل وممتع كله فبصوته الجهوري ياسرك جدا فهو في قمة الشجاعة عندما يتحدث عن تحدي الغزاة في شوراع العيون المحتلة ، وفي منتهي الحنان والعطف والرحمة عندما يتحدث عن القسوة التي يعامل بها الغزاة النساء والشباب العزل ، وكيف يتحملون التعذيب و التنكيل الذي يحدث في مخافر الغزاة ومخابئهم السرية، محتسبا ومفوضا الامر لله الذي يمهل ولا يهمل.
كان في ذلك الوقت رغم هزال جسمه قويا فقد تفاجأ منه أعضاء مكتب الجوازات الموريتانية عندما دخل عليهم معي وهم في الطابق الثالث حينها وليس هناك مصعد ،فقاموا بالتاشير له بسرعة البرق وقد شكرهم قائلا الحمد لله انه مازال في الدنيا من يوقر الكبير ويحترمه فانا قادم من بلد للاسف نضرب فيه بالسوط ونهان في الشارع امام الجميع ونحن في هذه السن.
لقد كان رحمه الله يحمل معه القضية الوطنية اينما حل وارتحل . لم يسعفني الحظ ان التقيه بعد ذلك ورغم قصر الوقت الذي عشته معه فقد ترك رحيله اثرا بالغا في نفسي فهو بافكاره الفطرية حول الوطن ووضوح رؤيته ، المنبثقة من تجربة طويلة في الحياة، وشجاعته وحماسته يصعب عليك الا ان تبقى تتابعه مشدوها كانك تسمع هذا الخطاب لاول مرة ،رحمه الله واحسن مثواه وأبقى في الصالحين ذكراه، اللهم اكتبه في المحسنين واخلف على عقبه في الآخرين، انا لله وانا اليه راجعون.
يحيى احمدو