محمد المصطفى ولد الندى عبقرية أشرقت على هذه الأرض الميمونة فترة من الزمن ثم اختفت دون ضجيج ولا صخب، بل ولا أسف؛ فالعبقري هنا مجهول.. خصوصا إذا كان متواضعا حييا كريما مثل من أتحدث عنه.
عرفته رجلا محببا إلى النفوس متعدد المواهب، كريم النفس والنسب، وجمعتني به جوامع مختلفة: الاهتمام البحثي، تحكيم المسابقات، التدريس.. إلخ. ومن أحب أيامي إلي فترة امتدت من 1996 إلى 2000 كنا متعاونين مع أحد المعاهد، وقد أحسن المسؤولون صنعا فزامنوا أغلب حصصنا، فكنا نلتقي خلال الفسحات بين الحصص، وكثيرا ما ننصرف معا.
كان - رحمه الله- لطيف الدعابة، ومن ذلك أن أستاذا مسنا بعيدا عن "العسكرة" يدعى الشيخ ولد بيده جمعه العمل معنا حينا، وكان صديقا للندى فكان يناديه بالعقيد! لاتفاق الاسم بينه وبين عضو سابق في اللجنة العسكرية.
قبيل وفاته أهداني كتابا كنت أنشده فقلت له:
هديتك الدر النــــــــــفيس المثقب ** بإشراقها لم يبق في النـــــــفس غيهب
"ولا غرو إن طابت صنائع ماجد ** كريم فماء العود مـــــن حيث" يسكب
فدم ماجدا ندبا لبيبا محــــــــــــببا ** وفيا بعــــــــــــــهد الخل إن خان قُلَّب
"فأنت الندى وابن الندى وأبو الندى ** ورب الندى ما للندى عنك مذهب".
برحيل الندى خسرتُ شخصيا حبيبا لا أرجو عوضا له، وكانت خسارة موريتانيا أكبر بأضعاف مضاعفة، لكن المتعاقبين عليها قوم صُبُرٌ لا يأبهون بالمحن إذا تعلقت بالجانب المعرفي.
رحم الله الشيخ الندى، وبارك في آله الأحبة؛ من عرفت منهم من لم أعرف.
محمد سالم بن جدو