وفود الحزب الحاكم .. نهاية تمرد أم احترام شكلى للرئيس؟

أظهرت نتائج الأيام التشاورية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا بداية تحول فى العلاقة بين أركان السلطة، وتقارب بين أبرز رموزها المتخاصمين منذ التعديلات الدستورية الأخيرة، وسط مخاوف من ترتيبات غير تقليدية قد تبعد البعض من واجهة الفعل السياسى فى لحظة حرجة من تاريخ البلاد.

 

وقد كان لانتقال الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى الحزب ومشاركته الحفل المقام بالقصر بالغ الأثر فى نفوس النخبة المحيطة به أو المتحمسة لحجز مكان فى القاطرة، إذ يقر أغلبها للرئيس بالفضل فى وجوده داخل المشهد السياسى بمرسوم ويخشى فى أي لحظة من أن يخرجه مرسوم آخر من عالم التأثير والمال والتداول فى لحظة تعيش فيها البلاد على وقع أربع انتخابات متزامنة أو تكاد تكون كذلك.

 

وقبل الحضور مهد الرئيس للتحول الحاصل باجتماع بالغ الصراحة مع أعضاء اللجنة الفنية العليا بالقصر الرئاسى قبل صلاة الجمعة بقليل. وهو اجتماع مصارحة لم يخلوا من تقريع وتبكيت للبعض دون تحديد بالاسم، وطرح النقاط على الحروف فى اجتماع أسس لمرحلة جديدة من عمل اللجنة ورسم خيوط العلاقة بشكل أوضح، وأظهر حجم التفاوت بين الأعضاء ومدى انزعاج الرئيس من الكلام المتداول فى الساحة السياسية والإعلامية ورغبته الواضحة فى الانتهاء من الأعمال المقام بأسرع وقت ممكن، لاختيار قيادة جديدة للحزب الذى يراد له بالفعل أن يكون واجهة الأغلبية خلال الفترة القادمة تمهيدا لانتقال الرئيس إليه.

 

رسائل تلقفها بعض أعضاء التشكلة المغاضبة بسرعة  محاولين استغلال آخر جلسة للمكتب التنفيذى من أجل تمرير رسائل ود لقادة الحزب، بل إن البعض وصف دور اللجنة العليا لتشخيص واقع الحزب وإصلاحه بالثانوى، بعدما كان يكيل لها المدح فى خرجات إعلامية أخرى نكاية بالحزب والقائمين عليه.

 

نهاية القطيعة

 

وقد شكلت الأيام التشاورية الأخيرة نهاية القطيعة بين الحزب والحكومة وكبار المحيطين بالرئيس أو الوزير الأول، وأخذ أعضاء الحكومة مقاعدهم فى الصف الأول بشكل يومى، وتبارى كبار الموظفين فى طرح الأفكار والرؤى الحالمة داخل ورشات التشاور تذكيرا للحاضرين بانتمائهم الحزبى، بل إن البعض تحول من ورشة إلى أخرى رغم التزامن فى الانعقاد والاختلاف فى الأماكن من أجل الظهور بكل ورشة للإجلاء برأيه ولفت الانتباه إلى حضوره، بعدما كان يرفض مجرد الحضور للهيئات الحزبية الملزم وفق القانون الداخلى بالحضور لها ( المكتب التنفيذى / المجلس الوطنى) ، وألتقط الصحافة صورا للبعض وهو يزاحم من أجل مقعد فى القاعة بعدما كان يدافع عن رفضه الحضور لاجتماع المكتب التنفيذى بانشغال الوزراء بحياة الناس اليومية والالتزامات اليومية التى يأخذونها خلال العمل، مؤكدا أن فيهم من يتغيب عن مجلس الوزراء فكيف لا يتغيب عن اجتماع لمكتب الحزب أو حفل عشاء لنوابه.

 

وقد أختار رئيس الحزب الحاكم دون عقد جلسة للمكتب التنفيذى استخدام كافة أعضاء الحكومة وكبار الموظفين فى القصر والوزارة الأولى لشرح رؤية الحزب واستراتيجيته المستقبلية وحض الأطراف المحلية على تجاوز الخلافات الداخلية والتأكيد على ضرورة الاهتمام بالمرحلة القادمة باعتبارها نقطة تحول فى الممارسة السياسية ولحظة كاشفة لأوزان الجميع داخل الساحة المحلية.

 

وقد جرت العملية دون اعتراض أو اعتذار، وسط حديث متصاعد داخل الأغلبية الرئاسية عن بداية مرحلة جديدة من التفاهم بين رموز العملية السياسية أو نهاية لتمرد حكومى أذكته أطماع البعض وحدت منه أقوال الرئيس، ويراد له الآن أن ينتهى بشكل كامل قبل خوض غمار انتخابات تشريعية ورئاسية مفصلية فى تاريخ البلد ومحددة لمستقبل الأغلبية الداعمة للرئيس بشكل كبير.