تعدّ خطبة الجمعة منبرا أسبوعيّا يمكّن الإمام من تبليغ رسالته الإصلاحيّة تجاه جماعة مسجده، وذلك بتبصيرها بقضايا دينها، وما يلزمها في باب الامتثال والاجتناب، وبتوعيتها بقضايا بلدها وأمّتها، وقضايا العالم التي لها مساس بالبلد والأمّة عند الاقتضاء.
كل ذلك في حدود إمكانه، ومكانته، ومكانه، وأولويّات إصلاحه المنشود دون إفراط أو تفريط.
من هنا كان خيار تحرير هذا المنبر خيارا لا مساومة عليه، والمرجوّ أنّ الجهات ذات العلاقة تدرك أهمّية ذلك التحرير .
على أنّه إذا صدر توجيه من جهة رسمية بتناول موضوع معيّن من خلفيّة أهمّيّته، دون خلفية أخرى، فعلى تلك الجهة المصدرة له أن تبعده عن صيغة الإلزام، وعلى الإمام، وجماعته أن لا ينظرا إلى ذلك التوجيه دائما نظرة توجّس، وارتياب.
فإن رآى الإمام وجاهة الموضوع تناوله عن قناعة بأنّه يدخل في التعاون على البرّ، لا أنّه من فرض جهة اخرى، وإن رآى أنّ في الأخذ به تفويتا لأولويّة من أولويّات جماعته بقي على الأصل دون أن يكون محلّ متابعة من أيّ جهة.
هذه مقدّمة مبدئيّة، أقدّمها بين يدي ما أشرت إليه في تدوينتي السابقة عن توجيه الخطب اليوم إلى تشجيع قضاء الإجازة داخل البلد.
فأقول -وبالله التوفيق- :
أحسنت الجهة الرسميّة من حيث المبدأ عندما أصدرت هذا التوجيه بين يدي هذه الإجازة، وموسم الخريف؛ ذلك أنّ قضاءها داخل البلد يجلب مصالح راجحة، ويدرا مفاسد عظيمة.
أوّلا : المصالح التي يجلبها:
1- التعرّف على الداخل، وإمكانته وحاجاته
2 - صلة الرحم
3 - إفادة الداخل وتوعية، ساكنته، وتحريك جزء من دورة المال فيه
4 - التمتّع بالمناظر الخلّابة والطبيعة الجذّابة دون دفع فاتورة تذكر
5 - تنشئة الأطفال على قيم الإسلام
6 - توفير جوّ ملائم آمن لأشباع رغبتهم في اللعب المباح.
7 - استصحابهم إلى حلقات العلم، والتنافس فيه.
8 - تعويدهم على حياة أقرب إلى التقشف.
9 - توفير غطاء ماليّ مما كان ينفقه في قضاء الإجازة خارج بلده.
10 - التصدّق بجزء معتبر منه عن نفسه وذرّيّته ووالديه على الفقراء واليتامى والغرباء وطلّاب العلم والطبقات الهشّة.
ثانيا : المفاسد التي يدرؤها :
1 - إنفاق أموال طائلة في التذاكر وحجز الفنادق ووجبات المطاعم.
2 - إعانة دول ثبتت عداوتها للإسلام والمسلمين.
3 - تعريض النفس والشباب والأطفال لمخاطر فساد لا حدود لها.
4 - التجافي عن قيم المجتمع وآدابه.
5 - الانبهار بحضارات معادية.
6 - النظرة الدونيّة إلى بلده وساكنته
7 - توريد عادات وتقاليد مذمومة إلى البلد
8 - التعوّد على حياة الترف والرفاهية.
9 - ربط علاقات مع دوائر وجهات محلّ اشتباه
10 - اقتطاع جزء من العمر فيما يعرّض للمساءلة أمام الله عن عمره فيم أفناه..
ملحوظات:
الأولى : ما ذكرته في جانبي المصالح والمفاسد هو على الأغلب الأعمّ؛ إذ لا خير خال من شرّ، ولا شرّ عار من خير، و الموازنة بالنظر في نسب كلّ منهما شأن أولي الألباب.
الثانية : على الدولة والمجتمع تفعيل الرقابة حفاظا على الأخلاق، فالداخل ليس محصّنا من وجود مسلكيّات آثمة كالاختلاط .
الملحوظة الثالثة : علينا أن نستشعر عباديّة الاستجمام والسير في الأرض.
تلكم وجهة نظر، فإن كانت صوابا فمن الله، وإن كانت خطأ فمن نفسي، ومن الشيطان، أعوذ بالله من شرّ نفسي، ومن شرّ الشيطان، وشرْكه وشرَكه.
الإمام سيدى محمد ولد محمد المختار