قال القيادى البعثى البارز محمد يحظيه ولد أبريد الليل إن وضعية منطقة "أترارزه" بداية القرن التاسع عشر كانت شبيهة بوضع السلطة الفلسطينية، بعدما تحكم المستعمر فى مصادر تمويل الأمراء (الصمغ العربى)، وباتت مكانة كل أمير مهددة داخل مجتمعه إذا عرقلت القوات الفرنسية تحويل الأموال المترتبة عليها عبر تجارة الصمغ بين الضفتين.
وأضاف ولد أبريد الليل فى مقال نشره – موقع مراسلون- "عندما عبرت القوات الاستعمارية النهر لم تجد هناك سلطة واحدة، معترفا بها، قادرة على القيام بمقاومة منظمة".
وأكد ولد أبريد الليل أن القوات الفرنسية كانت قبل العبور هي الحكم والمتحكم فى تفاصيل العملية بعتبة الجنوب ( أترارزه)، عبر تشجيع الصراع ودفع المال من أجل إذكاء الحروب الداخلية قائلا " عتبة البلاد الجنوبية، إمارة الترارزه، نظامها السياسي مختل نتيجة للتدخلات المستمرة من طرف فرنسا بواسطة مستعمرتها السنغالية. منذ وفاة محمد الحبيب فالصراعات الداخلية مستمرة بين الطامعين المتعددين في منصب الإمارة، الشيء الذي وفر للدولة الاستعمارية مسرحا مثاليا من النزاعات والمنافسة أصبحت به في آخر المطاف هي الحكم في اللعبة ومكنها من إتقان المناورة وأحيانا بإذكاء الحقد، وتارة أخرى بتشجيع ثأر ماحق بين المتصارعين مقابل المال إذا تطلب الأمر".
وتفهم ولد أبريد الليل استسلام رجال أترارزه للواقع الجديد قائلا "أمام وضع كهذا لم ينتظر أحد شيئا سوى، رباطة الجأش النبيلة والتضحية شبه اليائسة. إن الترارزه لم يبق لديهم ما يقدمونه إلا الأخلاق العسكرية المجردة ومروءتهم أو رجولتهم أمام المدافع الرشاشة من طراز 12-7 والمدافع بعيدة المدى وبكلمة واحدة الموت المحقق".
وأعتبر ولد أبريد الليل أن الإنهيار الذى وقع فى منطقة أترارزه ألقى بظلاله على المناطق المجاورة (لبراكنه) قائلا " حالة البراكنة كانت مشابهة إلى حد كبير، مع نقص في وفرة المنافسين الراغبين في اعتلاء سدة الحكم الأميري مهما كلف الثمن، منذ أن استتب الأمر لسيد أعلي الثاني.
الأمير الحاكم أحمدُّ الثاني لم يتهاون وخاض معارك مشرفة هو وابنه الشجاع، ولد عساس.
ومهما يكن من أمر، عندما ينهار سد كبير فمن الطبيعي أن يُخشى على السدود الواقعة على سافلة النهر. والواقع أن سد الترارزه والبراكنة انهار مع نهاية السنة 1903".
(*) المقال حمل عنوان " ذكرى غَزِّي الأركابْ: لنحافظ على المشعل".