بات من الواضح أن قوي ظلامية في المؤسسة التربوية تخطط لاجهاض أبرز شعار أطلقه الرئيس بداية العام الحالي، وهو جعل 2015 سنة تعليم بامتياز، مما يعني اعادة النظر في السياسات المعمول بها سابقا.
وتقول مصادر زهرة شنقيط إن القائمين علي الوزارات الوصية يعانون من ارتباك شديد بحكم جهل الملف من جهة، والانشغال بأمور أخري، بينما يتم تسيير كبري المؤسسات من طرف القائمين عليها أو الإدارات الجهوية ذات الباع الأكبر في اتخاذ القرارات المهمة.
ولعل التعليم العالي هو الأكثر هشاشة بحكم غياب أي تأثير للوزير علي مايجري فيه، حيث تدار الإقطاعيات الأربعة من طرف الرؤساء المباشرين دون استشارة الوزير أو النقاش معه، بل إن البعض يتعامل مع قوي في القصر الرئاسي بشكل مباشر أو الوزارة الأولي لتدبير شأنه.
ويستغرب البعض مرور أربعة أشهر من السنة الدراسية دون أن تعقد أي ملتقيات تشاورية في الجامعات أو المدارس العليا أو المعهد التقني لمناقشة سبل تنشيط العملية التربوية، وتحريك الساحة العلمية من أجل كسب المزيد من اهتمام الرأي العام وانضاج البرامج التربوية وتفعيل الدراسة.
وتقول مصادر زهرة شنقيط إن كافة البرامج القديمة ماتزال هي المعمول بها، وجميع الحصص في وقتها وبنفس الأساتذة، كما أن معدلات التغيب لاتزال مرتفعة، وانضاف إليها قدر من التوتير مقبول من طرف الأوساط الأكاديمية الراغبة في الاستراحة من التدريس، أو صرف ميزانياتها في محاربة "العنف" المدرسي، أو "تشجيع" الطلبة علي الدراسة، أو "ترميم" ما أفسده الحراك النقابي.
وتعاني بعض الجامعات من غياب الإداريين، بينما لم يزر الرئيس أو الوزير الأول الجامعات منذ إعلان شعار "2015 سنة التعليم"، ربما في انتظار حل سحري للأزمة المتفاقمة،أو انتهاء السنة لالتقاط صور تذكارية في بعض مدرجاتها للزمن الآتي، مع الاستماع إلي شروح مبالغ فيها عن تطور المؤسسة التربية بموريتانيا.
وتقول أوساط طلابية متابعة للملف إن أبرز مظاهر النقص تكمن في:
(1) نقص المقاعد في الجامعات، وتهالك الموجود منه، وخصوصا جامعة نواكشوط
(2) ضعف حضور الأساتذة لبعض الحصص، وخصوصا الصباحية، وهو أمر عمت به البلوي
(3) أزمة النقل الخانقة نحو كلية الطب، والتي تتسبب يوميا في حالات اغماء، وخصوصا في صفوف الفتيات مع تراجع الأمن فيها
(4) تأخر رواتب الأساتذة المتعاونين، مما يولد حالة احباط لدي البعض، ويدفع بالآخر إلي التغيب بحكم عجزه عن توفير ثياب مقبولة في جو أكاديمي يفرض قدرا من الاتزان والثقة بالنفس
(5) تقادم الدروس المقدمة، اذ تعود بعض المذكرات إلي تأسيس مشروع الجامعة 1982، كما أن بعض الأساتذة يحاول تعويض عجزه المادي ببيع المذكرات المقدمة للتلاميذ بأسعار خيالية، وبات لكل أستاذ "وراقة" معروف بها في الأوساط التعليمية بحكم تفويضها لها في سرقة جيوب التلاميذ الفقراء
(6) تأخر زيارة الأساتذة القادمين من الخارج، مما يربك العملية التربوية، ويؤدي إلي أزمات متراكمة كما هو الحال الآن في كلية الطب
(7) تهالك بعض البنايات والخوف من وقوع مجزرة في حالة قط أحد الفصول، كما هو الحال في الجامعة الإسلامية بلعيون، المهدد بالسقوط رغم أنها لم تكمل عامها الرابع
(8) ارتفاع الإصابة بالملاريا بفعل الجو غير الملائم، كما هو الحال في المعهد العالي بروصو
(9) فوضوية التدريس والتعاقد مع غير القادر علي تقديم الدروس، وهو أمر عمت به البلوي في أكثر من كلية بنواكشوط، مع الحاجة الماسة إلي تكوين الأساتذة المحاضرين علي منهجية التدريس والإلقاء
(10) ضعف التصحيح، والزبونية في منح النقاط، مما يولد عقدة لدي التلاميذ من بعض الأساتذة، واتهام البعض بعدم الجدية أو ابتزاز طلابه لأغراض غير تربوية في الغالب
(11) ضعف الرقابة الإدارية بكافة الجامعات، حيث يعتمد الرئيس والعميد علي تقارير يقدمها بعض صغار الموظفين لديه، ممن يرتبطون بصداقات مع بعض الأساتذة وعداوات مع بعض الطلاب، وهو ما يؤسس لضياع الرقابة الداخلية، ويحول الرئيس إلي آمر بالصرف أو مشارك في أكل المصروف فقط ، دون بقية مهامه الإدارية.
ويتطلب الأمر وقفة جادة من طرف الرئيس والحكومة لانهاء الفوضوية الجارية في مؤسسات التعليم العالي، أو تغيير الشعار المرفوع حاليا إلي "سنة من دون تعليم بموريتانيا". باعتبارها الأقرب لروح العملية التربوية الجارية حاليا.
خاص – زهرة شنقيط (1)