قالت الناشطة بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم "هاده بنت البكاي" إن بلدية "أم الحياظ" ( كبرى المجالس المحلية بالحوض الغربى) تعانى من عزلة كبيرة بفعل الجغرافيا القاسية لمنطقة الصحراء، مع تهميش ممنهج لمجمل أبناء البلدية والفاعلين فيها.
واعتبرت بنت البكاي، وهي ناشطة سياسية بالمنطقة ومرشحة توافقية لمنصب العمدة المساعد عن أكبر تحالف بالبلدية إن سكان البلدية يتجاوزون الآن 12 ألف نسمة، بينهم ستة آلاف شخص تجاوزوا السن القانونية للتصويت (18 سنة) ، مع مساحة تمتد من مقاطعة "لعيون" غربا إلى مقاطعة" تمبدغه" شرقا، ومن "أعوينات أزبل" جنوبا إلى مقاطعة "تيشيت" بولاية "تكانت" فى الشمال.
وقالت بنت البكاي إن واقع البلدية المر نتاج عدة عوامل من أبرزها صعوبة الطرق ببعض مناطق البلدية، وضعف توجيه الموارد التنموية إليها، وضعف التغطية التعليمية والصحية بأنحاء المنطقة الصحراوية، ناهيك عن حجم الفقر فى المراكز الكبيرة وآدوابه، وتضرر الزراعة بفعل غياب أي ترميم للسدود التقليدية ومحدودية الدعم الموجه للزراعة المروية بالمناطق الحضرية، رغم اهتمام السكان بها خلال العقدين الماضيين لمواجهة النقص الحاد فى المواد الغذائية وخصوصا الخضروات.
واستغربت بنت البكاي الحرمان الممنهج لأطر البلدية وكوادها من الولوج للوظائف العمومية خلال العشرية الأخيرة، رغم الدعم الكبير الذى يحظى به الرئيس محمد ولد عبد العزيز داخل البلدية، معتبرة أن السبب قد يعود لدور بعض النخب المحلية، الرافضة لأي حضور قد يغير الصرة السيئة المرسومة عن البلدية وسكانها فى الدوائر الرسمية، فى محاولة بائسة لمنع أي تغيير قد تشهده المنطقة.
وهذا نصا المقابلة :
زهرة شنقيط : كناشطة سياسية ببلدية أم الحياظ.. ماهي أبرز مظاهر التنمية بالمنقطة والمشاكل المطروحة؟
هاده بنت البكاي : شكرا جزيلا ..
بلدية أم الحياظ تعتبر من أكبر المجالس المحلية بالحوض الغربى، وهي قاطرة مهمة للتنمية بالمنطقة، ورافد من روافد الإستقرار والتنمية بالبلد بحكم الثروة الحيوانية الهائلة والبيئة الحاضنة للآلاف من سكان الريف، حيث شكلت على مدى العقود الأخيرة ضمانة حقيقة فى وجه الهجرة من الريف إلى المدينة وأسهمت بشكل كبير فى تزويد الأسواق المحلية باللحوم، وخلقت بفعل ديناميكية الأسواق الشعبية فرص عمل للعاطلين، كما مكنت أسواقها الثلاثة ( أم الحياظ .. المظلوم..أم لحبال) من خلق بيئة تجارية مهمة، كانت مفيدة لسكان الريف، ومصدر كسب محترم لشباب المنطقة، وفرصة أسبوعية لتجار المدن المحيطة ( تمبدغه .. لعيون.. لعوينات) من أجل كسب المزيد من الربح عبر التبادل التجارى وعرض البضائع بالأسواق المحلية بشكل منتظم خلال العقدين الماضيين، وهو ماخفف من الضغط على المصالح الحكومية ومنح الأجهزة الإدارية فرصة للتواصل مع السكان والإطلاع عن قرب على الصورة الميدانية للمنطقة دون تكاليف كبيرة، رغم وعورة المنطقة وصعوبة الوصول إلى العديد من التجمعات السكنية المتناثرة فى أكثر من 18 مركز بأنحاء البلدية.
مشاكل البلدية كثيرة ومتعددة تعدد اهتمامات السكان، ومن أبرزها :
(*) ضعف المنظومة التربوية ، حيث يعيش أكثر من 1200 طفل خارج المنظومة التربوية، وتسجل بالبلدية أدنى نسبة تمدرس فى صفوف البنات بموريتانيا على الإطلاق.
(*) محدودية المراكز الصحية بالمنطقة ، حيث لايوجد بالمنطقة سوى مركزين صحيين ونقطتين فقط، فى تجمع يضم أكثر من 18 مركز حضرى.
(*) محدودية ولوج أبناء البلدية إلى الوظيفة العمومية والوظائف السامية.
زهرة شنقيط : البلدية تعانى من تحصر ثقافى .. هل تريدون من الدولة ضرب عرض الحائط بقيم الكفاءة والمعرفة من أجل ترضية سكان المجالس المحلية أو المجموعات القبلية؟
هادة بنت البكاي : هذا غير صحيح البته ..
من قال بأن البلدية تعانى من تصحر ثقافى ؟ أو أننا لانمتلك نخبة متعلمة؟ هذه دعاية سخيفة يمارسها البعض ..
نحن نمتلك نخبة من أساتذة الجامعات ولدينا نخب متعلمة وحاضرة بقوة، لكننا نعانى من تمييز نجهل أسبابه رغم أننا نلمس مظاهره، ونتطلع إلى تصحيح الوضعية، مهما كانت الأطراف التى تقف خلفه؟
بنظرة بسيطة يمكنك اكتشاف حجم التزوير والتزييف الممارس، هذا التجمع الذى ننتمى إليه (أكدرنيت) ، رغم محدودية سكانه (300 نسمة) نمتلك أفضل أساتذة علم الإجتماعى السياسى بموريتانيا ( د/ محمد ولد سيد أحمد فال .. بياتى) ، ولدينا أحد أفضل القانونيين الشباب ( د/ أحمد ولد المامى .. دكتورا دولة فى القانون الخاص) ، وأحد أفضل المهتمين بالإدارة الإقليمية تنظيرا وممارسة ( د/ عبدى ولد محمد فال) متخصص فى الإدارة الإقليمية وأمين عام لبلدية الرياض بالعاصمة نواكشوط لأكثر من 8 سنوات، وهنالك شباب لديهم شهادات عالية فى الإدارة والمالية والقانون والبيئة والتنمية والفلسفة وبعض أبناء القرية ينشطون فى مهن حرة لها تأثير كبير كالصحافة والبعض الآخر يمارس الطب والتعليم، بينما قرر آخرون التوجه للتجارة بحكم التمييز الممارس والتهميش المعقلن خلال العشرية الأخيرة.
زهرة شنقيط : من يتحمل المسؤولية فى ما آلت إليه الأمور فى نظرك؟
هاده بنت البكاي : الجميع يتحمل المسؤولية .. لا أريد أن أتهم شخصا بعينه أو جهة بعينها، هنالك تقصير من أبناء البلدية، هنالك ضعف توعية بواقع السكان ومقدرات المنطقة وحاجيات المنطقة، هنالك أيضا استهداف من قبل بعض دوائر النفوذ، هنالك من يريد أن تظل أم الحياظ خارج دائرة التأثير ، عموما الوضعية سيئة ولدينا تطلع إلى غد أفضل ، وتصحيح الوضعية الحالية.
زهرة شنقيط : هل من كلمة أخيرة؟
هاده بنت البكاي : شكرا على هذا الفرصة .. اذا كانت هنالك من كلمة فهي موجهة بالأساس إلى صناع القرار بالبلد وإلى شركاء الموقع والموقف، نحن نعانى وضعية سيئة وآن الأوان أن تتغير، نحن نواجه التمييز دون مبرر ويجب وقف التمييز دون تأخير، نحن نواجه نظرة دونية لا أعتقد أنها تخدم أي طرف مهما كان.
هنالك تطور وتحسن فى بعض المجالات خلال الفترة الأخيرة، لقد تمت تسوية ملف المياه بتدخل من بعض أعضاء الحكومة وبعض السياسيين، هنالك إحساس بشراكة أكبر خلال المرحلة الأخيرة للحزب الذى أنتمى إليه، بعدما كنا ضحايا تمييز فى المرحلة الماضية، هنالك تطور فى مجال الصحة، وهي فرصة لأشكر كل من ساهم فى ماحصل، ولكن أعتقد أن نظرة أكثر انصافا يجب أن تحصل، وأن واقع البلدية الحالى غير قابل للاستمرار.
وفى الختام ألتمس من الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومجمل معاونيه اتخاذ إجراءات أكثر عدالة تجاه البلدية والأطر المنتمين إليها، والتعامل مع واقعها الحالى بقدر من التمييز الإيجابى ، لتعويض نصف قرن من التهميش والاحتقار.