شكلت إقالة وزير الخارجية الأسبق حمادى ولد أميمو بعد أربعة أشهر من توليه مقاليد الوزارة، رسالة بالغة السوء تجاه شخص يوصف بالرزانة داخل دوائر الأغلبية، وأسندت إليه لفترة طويلة مهمة تمثيل البلد فى بعض الدوائر العربية والإفريقية. كانت لحظة سيئة بكل المقاييس داخل محيط الرجل، بعدما أطاح به "تلفيق الأقران" ، وهو الخارج للتو من مسائلة برلمانية مثل فيها دور رجل السلطة الواثق من نفسه، دون عنف لفظى تجاه الخصوم أو إفتعال ضجة لتبرير القصور وجلب التعاطف داخل أروقة الخارجية.
تحدث أركان النظام عشية الإقالة المفاجئة للرجل من هرم الدبلوماسية الموريتانية عن مخطط ساهم فيه الوزير الأول يحي ولد حدمين، وأستخمت فيه شطارة بعض الوكلاء،لإقناع الرئيس المنعزعج من ولد الطايع ورجاله، بأن حمادى ولد أميمو نسخة تقليدية غير قابلة للتأقلم مع الواقع الجديد، وغير منضبط بخطوط المرحلة وخططها.
غير أن وثيقة شاملة أعدها الرجل قبل رحيله عن واقع الخارجية ونمط تسييره ، كانت كافية لتبديد الصورة وجبر الضرر، بعدما تمكن أحد أبرز ضباط الجيش من فتح ملف الرجل مع الرئيس فى لحظة صفاء بصحراء تيرس زمور. بدت الإشارات الإيجابية تترى من مكتب الرئيس، فقد أذن ولد عبد العزيز لحمادى ولد أميمو بتلبية دعوة شخصية من وزير الخارجية السعودى عادل الجبير، قبل أن تحمله الأقدار إلى السفارة الموريتانية بالمملكة العربية السعودية سفيرا فوق العادة وكامل الصلاحية، منهيا بشكل سريع حالة التربص الإجبارى خارج أروقة البرلمان والسلطة التنفيذية لأول مرة منذ عقدين.
عاد الوزير حمادى ولد أميمو إلى سربه دون كبير مشاكل، وشارك فى العملية المحضرة لإصلاح الحزب وإعادة الهيكلة بشكل فاعل خلال الأشهر الأخيرة، قبل أن يتوج جهده بتكليف هو الأهم داخل دوائر الأغلبية ( قيادة اللائحة الوطنية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية)، فى رسالة بالغة الرمزية عن مدى أصالة الرجل فى الحياة السياسية، وتغلغل الرجل فى الذاكرة الجمعية لصناع القرار، وخصوصا رئيس الجمهورية.
لقد كان تكليف السفير حمادى ولد أميمو بقيادة اللائحة الوطنية بعد تشريفه بخدمة الموريتانيين عبر السفارة بالمملكة العربية السعودية ، أفضل رد للإعتبار يمكن القيام به، وأجمل رسالة يمكن توجيهها لخصومه خلال المرحلة الحالية.