قالت مصادر محلية بالحوضين إن ثلاثة بلديات بالمنطقة لم يزرها أي رئيس منذ استقلال البلاد عن فرنسا 1960، وإن اغلب قاطنيها لم يلتقوا برئيس قط بفعل التهميش المفروض عليها من دوائر صنع القرار بالمنطقة.
وتقول المصادر التي اوردت النبأ لموقع زهرة شنقيط إن البلديات الثلاثة تقع اغلب القري التابعة لها شمال طريق الأمل علي مساحة تتجاوز 300 كلم طولا و150 كلم عرضا (من حدود ولاتة بالحوض الشرقي إلي " أنصفن" بالحوض الغربي)، وفيها ثلاث مجالس محلية بعضها يتجاوز عدد القاطنين فيه سكان عدد من المقاطعات الموريتانية المحظوظة حسب آخر احصاء.
المجالس المحلية المذكورة تدار من طرف ثلاثة شبان ينتمون لتجمع قبلي واحد "لحمنات"، ويتطلعون إلي تحرير المنطقة من الواقع الصعب الذي تعيشه، لكن بعض الأطراف الإدارية والسياسية ترفض أي حضور لها، وتحاول ابقاء الأمور تحت السيطرة من خلال تهميشها في المشهد السياسي ومنعها من أي مشاريع تنموية أو تعليمية أو صحية قد تعيد لها بعض حقوقها المسلوبة منذ تأسيس الدولة الموريتانية.
وتعتبر بلدية "أم الحياظ" بالحوض الغربي أكبر المجالس المحلية المذكورة، ويديرها شاب من مواليد 1978 يدعي الفتح ولد عبد الرحمن، وقد ورث قيادة البلدية عن والده الذي أدار المجلس المحلي لثلاث دورات متتابعة قبل أن يقعده المرض، بينما يدير المجلس المحلي الثاني (أطويل) شاب من مواليد الثمانينيات يدعي سيدي محمد ولد وياس، وهو ثاني عمدة شاب علي رأس المجلس المحلي بعد سلفه أبي بكر ولد أبيه الذي انتخب هو الآخر خلفا لعمدة البلدية لأكثر من فترة أحمد ولد الشيباني أحد الوجهاء التقليديين بالمنطقة.
أما المجلس المحلي الثالث فيديره العمدة شيخات ولد بلات، وهو ابن عم العمدتين وصديقهما، وهو معلم قديم اختير باعتباره أكثر شباب المنطقة ثقافة، ويحظي بدعم واسع من أبناء عمومته وبعض الأطراف المحلية المتحالفة معه.
لعنة الحرمان مستمرة
وقد حاول العمد الثلاثة بدعم محلي فك الحصار المفروض بقوة الإدارة والنفوذ التقليدي لبعض السياسيين بعد وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز للسلطة سنة 2009، وحاولوا الاجتماع به أكثر من مرة دون جدوي.
وتقول مصادر مقربة من العمد الثلاثة لموقع زهرة شنقيط إن آخر محاولة للقاء الرئيس كانت نهاية 2014 بنواكشوط، لكنها فشلت.
وتواجه المجالس المحلية المذكورة أكثر من مشكل مثل ، نقص آبار المياه التقليدية وانعدام الآبار الارتوازية، وقلة النقاط الصحية، ونقص المدارس بشكل حاد، حيث يعيش أكثر من 60% من أطفال المنطقة سنين المدرسة خارجها، ويعاني البعض من عمالة الأطفال بفعل البيئة الصحراوية القاتلة.
ولايوجد أي مظهر للدولة في تلك المناطق، سوي افراد من الدرك الإقليمي ينتقلون عبر سيارات الأجرة للتحرك في الأسواق الشعبية الثلاثة من أجل الاستفادة من الواقع البدوي الذي يعيشه اغلب القاطنين بها، والمخالفات المرصودة بالجملة لدي العاملين في قطاع النقل البري.
كما أن المنطقة تعتمد بالأساس علي رعية الماشية والزراعة، ولاتوجد بها أي سدود أو مشاريع تنموية علي الإطلاق لصالح الثروة الحيوانية.
هل يتذكر الرئيس؟
يقول بعض سكان المنطقة إن أول مرة يمر بها رئيس كانت سنة 2009 عندما سقطت طائرة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالمنطقة قرب " أم ركبه"، وإن السكان عاشوا عدة أشهر علي وهم مشاريع تنموية قال بعض مروجي الشائعات إن الرئيس قرر اطلاقها بالمنطقة لتنميتها بعد أن اكتشف حجم التصحر الذي يواجهها، والمفاوز الصعبة التي مر بها، والكرم الذي عومل به من طرف السكان المحليين، رغم الفقر ومظاهر الفاقة البادية عليهم.
ويدرك السكان أن المنطقة تحتاج إلي لفتة من الرئيس أو كبار معاونيه، وأن زيارتها قد تشكل لفتة نادرة علي جزء من الوطن يعيش حالة من الإهمال غير مسبوقة، ويواجه الآلاف من ساكنيه خطر الموت بفعل الأمراض والفقر وانعدام المياه، رغم الطيبوبة البادية والكرم الأصيل والسلم الأهلي الذي ينعم به، والدور الطلائعي في حفظ أمن الصحراء الموريتانية من أي وافد غريب، وتحمل العبء الأكبر باعتبارها تمثل الخزان الأساسي للثروة الحيوانية بموريتانيا.
خاص - زهرة شنقيط