بعد انتخاب ولد بايه .. هل بدأت قاطرة التحول داخل هرم السلطة؟

يشكل انتخاب النائب البرلمانى البارز الشيخ ولد بايه رئيسا للبرلمان الموريتانى خلفا للوزير محمد ولد أبيليل بداية تحول بالغ التأثير فى هرم السلطة الموريتانية هو الأعمق منذ استقلال البلاد عن فرنسا 1960، وسط ترقب حذر لانتقال السلطة من الشمال (الرئيس محمد ولد عبد العزيز) إلى الشرق (الرئيس محمد ولد الغزوانى) دون اللجوء لاستخدام القوة أو صدام بين مكونات المشهد الواحد.

وتعتبر هذه أول مرة تقرر فيها النخبة الحاكمة فى موريتانيا تداول المناصب العليا بينها بشكل سلس، رغم المخاوف المحيطة بالتحول الحاصل فى هرم السلطة والشك الذى ينتاب النخبة المعارضة مما يجرى خلف الكواليس، وإصرار بعض رموز الحكم على توتير الأجواء لعرقة مشروع التحول الذى أقرت أبرز ملامحه فى اجتماعات عقدت بتيرس الزمور بين أركان السلطة الثلاثة ( عزيز / غزواني/ الشيخ)، ونظر بعض رموز السلطة لتفاصيله وآليات اخراحه فى لقاءات بالغة السرية عقدت بالقصر ومحيطه قبل عدة أشهر.

وبانتخاب الشيخ ولد بايه رئيسا للبرلمان تكون التعديلات الدستورية قد تم تفعيلها والمواد المحصنة فى الدستور قد تم تجاوز مسألة احترامها، ونخبة الشمال قد أنتقلت من هرم السلطة (الرئاسة) إلى المركز الثانى (البرلمان) دون أن تخسر السلطة بشكل نهائى، بينما يغادر الرئيس محمد ولد عبد العزيز الحكم وقد منح رفيقيه أرفع المناصب، وضمن فعليا استمرار نهجه، وقطع الطريق أمام معارضيه، وأعاد التوازن - وفق أنصاره- للمناصب العليا، بعدما ظلت دولة بين الشمال والجنوب ( آدرار/ أترارزه ) لأكثر من أربعين سنة، وأعاد تدوير المناصب الوزارية بين المناطق كافة ، بشكل يضمن النفاذ للوظائف العامة ويمنح نخب البلاد حق التنافس على منصب الوزارة الأولى بعدما تم احتكاره هو الآخر من قبل مقاطعة أو اثنتين لأكثر من 40 سنة، رغم ضعف الكفاءة وسوء التسيير فى الكثير من الأحيان، وتحولت إلى مصدر فتنة بين أطر المنطقة ، ولعنة تطارد كل متميز فيها لديه اهتمام بالحكم أو زاهد فيه.

ويرى البعض أن اختيار ولد بايه قد يمهد لاختيار وزير أول من مناطق الشرق ، لكن من الأرقاء السابقين هذه المرة أو الكفاءات المهمشة بموريتانيا خلال العقود الأخيرة، تفاديا لصراع يجهض مساعى التحول داخل الحكم أو يشعل حرب الأصدقاء بين أبناء الحزب الواحد، ويمنح العمل التفنيذى فرصة قبل موعد الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أشهر قليلة.

وتطرح عدة خيارات أمام الرئيس محمد ولد عبد العزيز أبرزها : وزير العدل الأسبق عابدين ولد الخير (النعمه) و مدير أسنيم أحمد سالم ولد البشير (الطينطان) وأحمد سالم ولد مرزوق ( كيفه) .

غير أن أنصار الوزير الأول يحي ولد حدمين يعتبرون أي تجاوز للرجل فى المرحلة الحالية بمثابة الانتحار، بحكم علاقاته داخل البلد والخوف من تكرار سيناريو الزين ولد زيدان عبر الزج به مرشحا للرئاسة من قبل بعض القوى السياسية الطامحة لخلط أوراق السلطة ، واستغلال مكانته داخل هرم السلطة بموريتانيا ، وحاضنته الإجتماعية والسياسية(التيار الناصرى) لفرض تغيير حذرى، وإحباط مخطط الرئيس الرامى إلى التنازل عن الحكم لأبرز رفاقه الفريق محمد ولد الغزوانى، والتفرغ للحزب الذى أسسه قبل 10 سنين ، والتخطيط لإقامة مشروع قادر على العبور بأمان.