تتجه أنظار النخبة السياسية والاقتصادية والإعلامية داخل البلد لمعرفة من سيختاره الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزوانى لمنصب الوزير الأول، بحكم مركزية المنصب فى الحياة التنفيذية بموريتانيا، والرسالة المعنوية للشخص الذى سيتم انتدابه لبداية مأمورية جديدة.
وتطرج عدة أسلئة حول هوية الشخص المحتمل، والجهة التى ينتمى إليها، فى بلد يحاول بعض أبنائه التعالى على منطق الجهة والقبيلة والفئوية فى مجالسهم العامة، لكنهم يرتهون للمعايير ذاتها، كلما جد وقت الحسم، أو كانت المناصب التنفيذية أو الانتخابية مطروحة للتداول من طرف الجهات السياسية، بغض النظر عن الموقع والموقف.
ويعتقد بعض أبرز المتابعين للشأن السياسى بموريتانيا أن الوزير الأول القادم لن يخرج من التشكلة التى خدمت خلال العشرية الأخيرة مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بحكم الحاجة إلى الخبرة والقدرة على التعامل مع التحديات المطروحة، ناهيك عن عامل الثقة بين الرئيس المغادر محمد ولد عبد العزيز والرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزوانى، وهو مايقتضى عدم القطيعة النهائية مع رموز مرحلته، والأشخاص الذين خدموا معه بشكل مفاجئ، بل إن البعض يرى أن الإبقاء على بعض رموز الحكومة وقادة الأركان وبعض الإداريين أمر لازم لعبور محطة بالغة لدقة والحساسية من تاريخ البلد، كما أنها رسالة وفاء لنهج قدم الرجل نفسه كأحد صناعه وأحد المحافظين عليه.
وتطرح عدة أسماء لتولى المنصب الأهم بموريتانيا بعد منصب رئيس الجمهورية وقيادة البرلمان، بعضها ينتمى جغرافيا للحيز الذى دأبت الأنظمة السياسية المتعاقبة على التعيين منه، لضمان الاستقرار السياسى، واحتراما لمعطيات الديمغرافيا، ناهيك عن مستوى الحماس الذى أظهروا سكان المنطقة خلال الفترة الأخيرة، دعما للرئيس المغادر محمد ولد عبد العزيز فى مأموريته الأولى والثانية، وتصويتا لخليفته فى الحكم محمد ولد الشيخ الغزوانى، بنسبة بلغت 81 فى المائة.
وتطرح عدة خيارات من الحوض الشرقى أبرزها وزير العدل السابق عابدين ولد الخير، ووزير الوظيفة العمومية الحالى سيدنا عالى ولد محمد خونه، ومحافظ البنك المركزى المساعد الشيخ الكبير ولد مولاي الطاهر، ولكل منهم نقاط قوة وضعف، لكنهم أبرز المرشحين لقيادة التولفة الوزارية من الحوض الشرقى فى حالة جنوح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى إلى الاختيار منه، بعدما سحبت منهم قيادة البرلمان إبان الرئيس محمد ولد أبيليل، والوزارة الأولى بعد الإطاحة بالوزير يحي ولد حدمين، وتم اختيار الرئيس من الوسط فى الانتخابات الأخيرة.
بينما يرى آخرون أن عامل الثقة والمكانة والشعبية والتخصص يميل لصالح بعض الأطراف الأخرى، وخصوصا فى ولاية لبراكنه، حيث يطرح اسم الوزير المختار أجاي بقوة، بحكم أبرز شخصية بالمنطقة، وأكثرها حضورا داخل الساحة المحلية، ويحظى بعلاقات وازنة مع الرئيس المنتخب محمد ولد الغزوانى وعلاقات أكبر مع سلفه المغادر محمد ولد عبد العزيز، كما أنه بحكم التخصص والتجربة، أكثر الوزراء الحاليين إلماما بملفات البلد الاقتصادية، بحكم الوظائف التى تولى تسييرها خلال المراحل الماضية، وأكثرهم حضورا فى المشهد السياسى بعد الوزير المغادر للتشكلة قبل أيام سيدى محمد ولد محم، بحكم دوره فى منطقة لبراكنه ونواكشوط، وتوليه ملفات سياسية معقدة خلال السنوات الأخيرة.
غير أن بعض المحللين والمهتمين بالشأن السياسى يعتقدون أن انتقال السلطة من الشمال إلى الشرق أو الوسط )الرئاسة( ، يجعل اختيار الوزير الأول من المناطق الشمالية أكثر من احتمال مطروح، بل يرى البعض أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى بحاجة إلى إرسال رسالة طمأنة للقوى السياسية والمالية فى المنطقة، بأن انتقال السلطة من الشمال إلى الشرقى لن ينعكس على حظوظ النخب السياسية والمالية بالمنطقة، وأن الشراكة الفاعلة ستكون عنوان المرحلة المقبلة. ناهيك عن حاجة التجربة الحالية لتجاوز كل المطبات المحتملة، وطمأنة القوى المتحفزة لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور، والتعامل بعقلانية مع المشهد ، من أجل إنجاح أول تجربة رئاسية يتولى فيها أحد سكان المنطقة الشرقية مقاليد الأمور فى البلد، عبر الانتخابات، وثانى تجربة من نوعها، بعد التجربة القصيرة للعقيد الراحل المصطفى ولد محمد السالك عليه رحمة الله.
وفى حالة الاختيار من الشمال سيكون الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى أمام خيارات ثلاث يمكن الركون إليها، مع تفاوت فى الحظوظ والإمكانيات السياسية والتخصص، وهم من الجيل الذى عايش التجربة الماضية وكان فاعلا فيها.
ففى حالة الاختيار من ولاية آدرار سيكون الرئيس السابق للحزب الحاكم سيدى محمد ولد محم أبرز الشخصيات المطروحة بحكم الحضور الفاعل فى الساحة الموريتانية، والعلاقات الواسعة، والتجربة داخل الحزب والتشكلة الحكومية، والعلاقات الإقليمية الوازنة، مع هدوء تحتاج إليه المرحلة، وقدرة على استيعاب الأغلبية والوافدين إليها.
وفى حالة الاختيار من تيرس الزمور سيكون وزير الاقتصاد والمالية السابق سيد أحمد ولد الرايس أبرز المرشحين للمنصب، فالرجل حاضر بقوة فى الذاكرة الجمعية للممسكين بزمام الأمور خلال العشرية الأخيرة، وصاحب تخصص تحتاج إليه الحكومة فى ظل التحديات الاقتصادية، وخبر مجمل الدوائر الحكومية، وله علاقات وازنة بمجمل المؤسسات المالية العربية والغربية، ويحظى بعلاقات قوية بالرئيس المغادر محمد ولد عبد العزيز ، وكان أحد خيارات الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزوانى خلال الحملة الانتخابية الأخيرة.
أما إذا قرر الرئيس المنتخب من ولاية إينشيرى، ومن الدوائر المحيطة بصديقه المغادر للسلطة، فإن رجل الأعمال البارز ورئيس غرفة التجارة والصناعة أحمد بابه ولد أعلي قد يكون الخيار الأمثل لإدارة المرحلة القادمة.
سيد أحمد ولد باب / زهرة شنقيط