من أقوال رفاق الراحل (خاص)

شكل رحيل الشاب الداعية والدكتور المتميز وأستاذ الرياضيات بالعربية السعودية طه ولد محمد فال صدمة كبيرة لمحبيه ورفاقه من جيل العشرية الحالية ، وسط شعور ممض بأن فراقا دنيويا قد حكم به، ولكن ماعند الله خير وأبقي.

رحل طه ولد محمد فال وهو صائم عائد من عمرة بعد حادث سير أليم، لكن القلوب التي أحبته، والشباب الذي صحبه لما يستوعب الخبر رغم التسليم بقضاء الله وعدله.

وهذه بعض شهادات رفاقه الذين صحبوه.

 

المختار ولد نافع : أثبتها ياطه

 

وأثبتها يا طه: الكريم الحر ليس له عمر

لم أكن إطلاقا أتوقع وأنا أستقبل مكالمة أحد الخلان أنها تحمل إلي فاجعة كهذه، فقد أخي الروح والصديق الصدوق طه بن محمد فال..انتابتني حالة من الدهشة و تمكلني شعور غريب: هل يمكن أن يقترن اسم طه بما يثير الحزن والهم، وكأنني نسيت أن للحياة وجها آخر.

وجدتني مباشرة أبحث عن زرقة القلم وبياض الكراسة لأخط فجاءتي:

يا باسم الثغر مألوفا وألاَّفا...

موطأ- باختلاف الحال- أكنافا
يا شارحا بابتسام الروح أفئدة

***مثل السرور بقلب مرهق طافا
ما إن عهدناك إلا جالبا فرحا*

*حتى نعيث فثار الهم أضعافا
لقياك نزهة أرواح نطوف بها**

*كنا فتجلو من الأحزان إدنافا
ومن حديثك عذبا في تسلسه

**فخم المعاني اقترفنا الخمر إسرافا
وكان ذكرك ترقى المجد معلمة*

*بها تَنَكَّبَ ذو الهِمَّات إسفافا
يا أيها الشهم -والدنيا موكلة**

*بالشهم ظلما وتهميشا وإضعافا-
قد عشت لا خوِرا ترضى الهوان ولا*

*فظا توسطت في الأوصاف أوصافا
فهي السماحة ثكلى بعد فقدكم

**وهو التواضع مرزوء بمن نافا
وهو الأخوة مهزوز دعائمها**

 تبكي المؤاخي وذا الود الذي صافا
يا رحمة الله فاسقي صَيِّبا وطِفًا*

*قبرا تضمنه سَحَّا وتَوْكافا
و بلسم الصبر والسلوان ينجدنا*

*والأهل والصحب إن الحزن قد ضافا

 

 

ولد المصطفي : هكذا عرفته

 

ذات مساء من أيام الكفاح ضد التطبيع مع الصهاينة كان بجنبي باسم الوجه يكرر شعارا لا زلت أذكره (لا عيش إلا عيش الآخره فلترحم التجار والمبادره) كانت المسيرة حينها بين المبادرة وتحار مقاطعة لكصر.

 
ومن بعد كانت لنا في رحاب المسجد لقيا ثم تعززت الأواصر حين كنا معا في فاس 
فاس التي عرفت محاربها طه مرابطا وعرفه طلابها باذلا وأشهد أن لياليها عرفته قائما تلاء تنسبل دمعته وقد تملى الآي متدبرا.

 
فاس التي عرفته مجالسها مألوفا هشوشا بشوشا لايني عن سماحة حاضر البديهة حلو المنطق فتى الفتيان وعرفها طلابها شخصية تجمعهم على أمر الصلح يوم يختلفون. 
وعرفته وعرفته وعرفته.

 
لا أذكر أن حدثا هزني مثل جادث وفاته.

 
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته إن القلب ليحزن وإن العين لتمدمع ولا نقول إلا مايرصي ربنا.

 

أنس ولد محمد فال : نبأ حزين

 

اتصل بي أخ عزيز هذه الليلة ، ليخبرني بالنبأ الحزين .. و فاة أحد أقرب إخواني و أحبهم إلى قلبي ، طه ولد محمد فال ، في حادث سير أليم في العربية السعودية ، بعد أن أدى عمرة مقبولة إن شاء الله ، و بعد ان ودع والدته التي استدعاها للعمرة .. في آخر خطوات الخير التي عرف بها منذ نعومة أظافره..

أخ جمعتني وإياه أيام الجامعة الأولى منذ عشر سنين ونيف ،ثم المحظرة ، و السكن ، و الحل و السفر ، فما عرفته إلا قواما صواما ، بكاء من خشية الله ، برا بوالديه ، وإخوانه وكل من يلقى ، إنه جنة الأخلاق ، و جبل الإخلاص والصدق ، أحسبه كذلك والله حسيبه ..

إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ، و لكن لا نقول إلا ما يرضي الرب : إنا لله وإنا إليه راجعون..

اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله و وسع مدخله و غسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الذنوب و الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ..

اللهم اجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين .. وحسن أولئك رفيقا..
دعواتكم لي و له إخوتي الأكارم.

 

 

القاسم ولد محمد الأمين : رحل قيام الليل

 

إنا لله وإنا إليه راجعون

قبل منتصف الليل بدقائق وصلنى خبر وفاة أخى وصديقى طه ولد محمد فال.. لم أتذوق طعم المنام إلا قليلا.. كانت ليلة طويلة حقا.. كلما هممت أن أنام تذكرت طه.. يوم بتنا معا فستيقظ قبلى كثيرا وصف قدميه مرتلا باكيا خاشعا.. تذكرته يوم كان الناس يقدمونه للتحدث على المنصة وهو يقدم غيره.. تذكرته يوم وقف خطيبا مراغما للظالمين والمطبعين.. تذكرته يوم قال "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للتجار والمبادرة".

رحمك الله يا طه رحمة واسعة وأدخلك فسيح جناته، وألهم الوالدة والأخوات والإخوة فى الله الصبر والسلوان.
وإنا لله وإنا إليه راجعون

 

 

محمد سالم ولد أحمدو محفوظ : اختار طريقه بعناية

 

في أفضل أيام الدنيا وأعظم شهورها وأطهر بقاعها يغادرنا الشاب الزكي طه محمد فال وكأنه يختار طريقة بعناية .. يارب اسكنه أعالي جنانك مع الصديقين والشهداء.

 

محمد عبد الله ولد لحبيب : خاتمة منتظرة

 

إنا لله وإنا إليه راجعون 

أعادني الحزن وفاجع الخبر إلى عالم كنت هجرته...

خبر رحيل أخي الغالي وصديقي الفذ طه ولد محمد فال طيب الله ثراه...

قبل أكثر من عقد من الزمن لمحت مخايل النباهة في طلعة طه وهو يدلف إلى بوابة كلية العلوم والتقنيات، وقابلت في عينيه ترفعا عن سفاسف تشغل أقرانه، محيا لم تشعثه الذنوب.

 

ولم تلبث الأيام أن أحسنت فعلا فجمعتني به في درب مات وهو يسلكه وأسأل الله التثبيت....

 

تعددت اللقاءات في نواكشوط بجامعتها، ومنازل بعض الأصدقاء،،، ثم تجدد اللقاء في الغربة، وكانت آخر مرة في اتصال هاتفي قبل عامين، وكان طه هو كما عرفته أول يوم بسمة عند اللقاء، وبذلا عند الحاجة، وصدقا في الحديث وعفة لسان... همة تطاول الثريا، وسعة معرفة.

 

يضحي طه حين يتلمس الشباب جيوبهم، ويصبر حين يضجر الشباب من طول الانتظار، ويتأمل حين تخف الحلوم، مع تبصر ومضاء يقين حين تضطرب الأفكار، ويعزم حين ترتخي الهمم.

 

أعدت شريط الذكريات، ثم أعدته، فلم أتذكر موقفا يمكن أن يؤذي طه في مستقره اليوم، فبردت نفسي.. عندما علمت بوفاته في حادث سير قلت لمن معي إما أن يكون في طريقه إلى العمرة أو عائدا منها، هذه هي الخاتمة المنتظرة لطه.. وقد كان الأخير.

 

أعزي فيه نفسي وأعزي فيه الدعوة.. ولا نقول إلا ما رضي الله تعالى. رحمك الله يا طه