فشلت سلطة النقل فى موريتانيا فى القيام بالدور المناط بها، وباتت مؤسسة للجباية، يتمركز بعض منتسبيها عند مداخل المدن، وتستغلها الأجهزة الأمنية فى بعض الأوقات لإحراج السائقين، من خلال التهديد بإعادة السيارات المخالفة إلى وسط المدينة، بدعوى الخروج دون ترخيص.
السلطة التى أنشأت من أجل تلبية حاجيات المستخدمين في الظروف التي تضمن نموا منسجما ومتكاملا لقطاع النقل الفردي والجماعي ، مع احترام مبادئ ليبرالية الخدمات والمنافسة الحرة، لم تتمكن من تطوير النقل، وصادرت حرية الحركة لمجمل المنشغلين القطاع.
ورغم أن مواد القانون صريحة فى أن الهدف من هذه "السياسة هو الحد من الأخطار والحوادث والإضرار الصوتي ، وتسرب الملوثات"، إلا أن الواقع لم يتغير والنتائج لا تزال محدودة.
وتقول النصوص الناظمة للمؤسسة إنها "بصفة خاصة إلى تلبية حاجيات المواطنين في مجال النقل في الظروف الأكثر امتيازا للمجموعة الوطنية والمستخدمين بشكل فعلي ، من حيث السلامة وتوفر وسائل النقل والكلفة والأسعار ونوعية الخدمة"، لكن حصاد الأرواح المستمر، وفوضوية النقل، تشى بحجم العجز الكبير الذى ميز عمل المؤسسة خلال السنوات الأخيرة.
السلطة التى تعتبر مداخلها الأعلى من كل مؤسسات النقل بعد شركة "أنير" والموريتانية للطيران، تفتقد للمؤسسية، ويتم التوظيف فيها دون مسابقة، ولم تنجح فى إقناع الشركات باتخاذ مقارها كنقطة انطلاقة، أو فرض شروطها على كبرى الفاعلين، بينما يتوارى رئيسها خلف نشاطه السياسى بمسقط رأسه، ويكتفى ببعض الأخبار والصور التى يتم بثها من وقت لآخر من "القديمة"، بينما يواصل قطاع النقل حراكه دون تنظيم، وحصد للأرواح دون ضابط، والتلاعب بالخطوط دون رقابة، والخروج من العاصمة دون المرور بأي محطة، ويتكفى بعض عمال المؤسسة بتوزيع أوراق موقعة على كل سيارة تمر قرب المحطة، وتارة يتم التوزيع عن نقاط الأمن فى مداخل المدن، لعدم اقتناع الناقلين بالمؤسسة ودورها.
ورغم أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى تعهد بإصلاح القطاع وتطويره، إلا أن حركة الإصلاح لاتزال بطيئة، والسلطة المكلفة بإصلاحه تسير بمنطق انهزامى كبير أمام كبرى الشركات المستثمرة فى مجال النقل، والأفراد، فى ظل دولة تحاول تحديث أسوء قطاع فيها دون تخطيط أو تدبير أو ترشيد للموارد الموجهة إليه، أو القيام بنشاط يقنع الشريك بجدية العمل المقام به، ووجاهة ما يدفع للسلطة من أموال.