يعيش مركز الاستطباب بالحوض الغربي على وقع أزمة متصاعدة منذ أشهر، وسط فشل تام للإدارة الجهوية للصحة في تجاوز النقص الحاصل داخل المنشأة الصحية، أو بسبب رفض الوزارة التعامل مع مطالبها الملحة، وعجز مندوب الوزارة المكلف بتقارير الوصاية (مجلس الإدارة) عن توصيل الصورة واضحة لصناع القرار بالقطاع.
المركز الذى كان وجهة للآلاف من سكان المنطقة خلال العقود الماضية تحول خلال الفترة الأخيرة إلى نقطة صحية تقدم الإسعافات الأولوية لروادها، قبل أن تحويلهم إلى المستشفى الجهوى بالنعمة أو المستشفي الجهوى بلعصابة أو العاصمة نواكشوط، وهو ما أثر على صورة المنشأة الطبية بشكل عام، واستنزف مواردها المحدودة، بعدما بات دوره الأبرز هو رفع المحتاجين للعلاج إلى المشافى الأخرى ، وعلى حسابه الخاص فى ظل قرار الوزير القاضى بمجانية الرفع منذ أشهر.
لا يمتلك المستشفى بنية تحتية صحية قادرة على مواجهة الطلب المتزايد للسكان، ولديه سيارة إسعاف وحيدة وقديمة، ولا توجد فيه أجهزة للفحوص المطلوبة بكثافة من قبل سكان المنطقة (أسكانير وبعض فحوص الدم العادية ...) ولا يوجد فيه جراح واحد، بعدما ظل خلال السنوات الماضية يعتمد على خبرة طبيب مصرى تم التعاقد معه من قبل الوزارة للخدمة بالولاية الثانية.
وبحسب مصادر داخلية، فإن المستشفى الجهوى بالحوض الغربي لا يمكن لطبيب العيون فيه تحديد رؤية مريض بفعل نقص الأجهزة، ولا إجراء عملية جراحية، وينتظر سكان الولاية -البالغ تعدادها حوالى 230 ألف شخص- جهود بعض المتطوعين سنويا من أبنائها (حماه الله ولد سيد الأمين) من أجل معالجة الآلاف من المحتاجين لعلاج عيونهم، خصوصا من كبار السن أو أخذ نصائح من الطبيب المتنقل بين عدة مراكز والتوجه إلى مركز آخر للعلاج. أما أصحاب أمراض الضغط، وأمراض القلب، وأمراض السكرى، فهم فى سفر دائم إلى ولاية لعصابة أو العاصمة نواكشوط طلبا للعلاج، مع ما يعنيه ذلك من تكاليف ومخاطر وإبعاد للخدمة عن طالبيها.
تبلغ ميزانية المؤسسة حوالى 380 مليون أوقية، ويخضع تسييرها لمتابعة لجنة مركزية مشكلة من مجلس الإدارة، ولضمان عدم الشفافية تم ابعاد المنتخبين منها (جهة الحوض الغربى التى حلت محل البلدية) بطلب من ممثل المالية بالجهة، وهو مايطرح أكثر من سؤال حول الخطوة وتوقيتها فى ظل تأكيد الرئيس ووزيره الأول على الشراكة والتمثيل لكل الجهات فى مجمل الدوائر والشفافية فى تسييبر المال العام والابتعاد عن كل أشكال التلاعب والغش والمعاملات غير القانونية! تتولى البلدية نقل نفايات المستشفى الجهوى للصحة فى لعيون دون عقد مكتوب معها، كما لايدخل الأمر فى اختصاصها، لكن لتخفيف الضغط على المؤسسة الغارقة فى المشاكل تبرعت البلدية بهذا الإجراء الضرورى والحيوى لمؤسسة تناط بها حياة الناس وتحتاج إلى تنظيف مستمر.
ومع بداية مرحلة جديدة من عمر الدولة الموريتانية الحديثة تتجه أنظار نخبة الحوض الغربى إلى انتشال مؤسسة يراد لها أن تلعب دورها على أحسن وجه، أو أن تقدم خدمة صحية شبيهة على أقل تقدير بما كانت تقدمه قبل ثلاثة عقود.