دعوة للإفراج عن أحد رموز التيار السلفى بموريتانيا (تراجع عن مواقفه ولم يحمل السلاح ضد البلد)

التقي بن يوسف...شاب موريتاني ولد في نهاية عقد السبعينات من القرن المنصرم في مدينة بولحرات لأسرة جكنية، هاجرت كأغلب الأسر الموريتانية إلى مدينة نواكشوط في ثمانينيات القرن العشرين...

عاش طفولته بين أزقة تنسويلم وكبتال وتنقل بين مختلف المدارس الحكومية، وقد كان متفوقا في دراسته ومهتما بها...

كان التقي بن يوسف شابا تقيا نقيا، حيث نشأ في طاعة الله منذ رعيان شبابه وأصبح يرتاد المساجد بانتظام ويتنقل بين المدارس لتقديم المحاضرات خلال (راحة العاشرة)، كما أشرف مع بعض أقرانه على تجهيز مصلى الثانوية العربية الذي كان يعاني من الإهمال لسنوات متتالية منعت التلاميذ من ارتياده وجعلوا منه نواة للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

اهتم بكتاب الله عز وجل حفظا وتجويدا وقد ساعده صوته الندي وأداؤه الجميل على أن يكون حاضرا في أغلب المحاضرات والندوات حيث كانت قراءته العذبة تشنف الأسماع وتأسر الألباب وربما غلبته الدموع فبكى وأبكى الحاضرين...
تزوج مبكرا ليعفّ نفسه، ثم انتقل إلى عالم التجارة ليعيل أسرته الصغيرة ويساعد والديه على تحمل المصروفات المنزلية...

وقد كان والده (يوسف) يملك محلا صغيرا لبيع اللحوم يقع على قارعة طريق الأمل قرب كرفور تنسويلم يعيل منه أبناءه، كما كانت والدته تملك "طابلة" صغيرة لبيع الخضروات وقد عرفت بحسن الخلق والكرم فكانت توفي الكيل وتتجاوز عن المعسر وتساعد زوجها فيما عجز عن تحمّله من نفقة أبنائه الصغار...

كان التقي يعيش واقع أمته في مشارق الأرض ومغاربها فيفرح لفرحها ويتألم لآلامها ولسان حاله ينشد:
وحيثما ذكر اسم الله في بلد***عَددْتُ أرجاءه من لب أوطاني
فلم يتحمل قلبه الصغير ما يتعرض له المسلمون من قتل وتشريد فغلبت عاطفتُه عقلَه فلبى النداء وخرج مهاجرا إلى ربه ولسان حاله ينشد:
ومهاجر في الله ودع أهله***لم يلتفت يوم الرحيل وراء
ألقى ثقال الأرض عن أكتافه***ورمى الهوى لما أراد سماء
ومضى كأن الأرض لم يولد بها***يوما ولم يعرف له رفقاء
تتزاحم الدمعات خلف جفونه***فيردهنّ تصبرا وإباء
لولا اليقين لما أطاق بقاءها***بين الضلوع ولا أطقن بقاء

فتنقل بين شمال مالي والنيجر فتم اعتقاله وتسلميه لبلده موريتانيا في الوقت المناسب قبل أن يتسبب في أذية مسلم أو يشارك في قتل نفس معصومة فقضى حتى الآن خلف القضبان أكثر من عشر سنوات وبقي من محكوميته بضع سنوات.

وقد كانت خلوته في السجن فرصة لإكمال حفظ القرآن الكريم ودراسة بعض المتون المتون الفقهية، كما كانت فرصة للقراءة والمطالعة وتقييم تجارب الحركات الجهادية... وقد قاده ذلك إلى مراجعات جذرية جعلته يتخلى نهائيا عما كان يتبناه من أفكار أظهرت التجارب استحالة تطبيقها على أرض الواقع وتأثيرها العميق على السلم المجتمعي وكيان بلده المسلم موريتانيا.

كما يشهد له جميع المشرفين على السجن المدني بحسن السلوك والانضباط، ولم يشارك في أي احتجاجات داخل السجن وإنما كان عنصر تهدئة وحوار بين السجناء وإدارة السجن.

وقد أصبح ينشد العفو والصفح من الجهات المعنية ويرجو أن يشمله العفو، ويَعِد الجميع أن يكون لبِنَة صالحة تزيد من تماسك المجتمع ليساهم في تنمية وتطوير بلده، كما يرجو أن تتاح له الفرصة للإشراف على تربية وتوجيه أبنائه الصغار الذين أكمل اثنان منها حفظ القرآن الكريم وأصبحوا في مرحلة المراهقة التي تحتاج لرعاية ووجود الأب ولا تكفيها رعاية أمهم رغم ما تتميز به من خلق وتدين.

وفي الأخير أتمنى أن تصغي الجهات المعنية لهذه الحالة الإنسانية وتعفو وتصفح وتحاور فذلك أقرب للتقوى، وقد كانت تجربة الحوار الماضي ناجحة بكل المقاييس فلماذا لا تكررها؟

الأستاذ : طارق سيدي محمد آب