ترميم علاقة أم تبرير أخرى؟!

ميلي بنت الغوث

لا تترك حكومتنا في عهد ولد عبد العزيز فرصة دون ان تحرجنا سياسيا مع الجيران و الشركاء ، حيث كل العلاقات و الشراكات و الصدقات هي مزاج يومي لفخامة الجنرال يديرها كما يدير الدولة و منذ عقد من الزمن بلا تخطيط و لا استراتيجية ، ان ما حدث دبلوماسيا بيننا والشقيقة الجزائر خير دليل على ذالك فالعلاقة مع الجزائر و العلاقات مع أي بلد عربي آخر يجب ألا تكون على حساب علاقات أخرى مع بلدان عربية أخرى بل على قدم المساواة على الأقل دبلوماسيا ، إذ لا شك أن مؤشرات اقتصادية و أمنية و إقليمية تمايز نتائج تلك العلاقات و تربطها بعوائد هامة بالنسبة للبلاد ، و لعل هذا ما طرح التساؤل دائما عن أسباب النكوص و التذبذب التي تطبع علاقات سلطة الجنرال بجيرانه في كل مرة و عدم خضوعها للمعايير المتعارف عليها دبلوماسيا و حذر عديدون من نتائجها المستقبلية ..

 

فهل يفكر الجنرال في أن اختلاق هذه الازمة لتكون بادرة لترميم العلاقات مع المغرب و تحييد الخصوم السياسيين الأكثر شراسة ضمن عداوات الجنرال العديدة (بوعماتو و الشافعي ) أو أنها قد تحفظ له السلطة من أي تهديد من الجار الأكثر تحكما في توجيه دفة فرنسا و اسبانيا اللتان تديران ملف السياسة و السلطة الموريتانية ،مع ما تمثله المغرب المتمسكة بحلم الابوة السياسية على موريتانيا......

لاشك ان عدم التفاهم مع المغرب هو أمر مقلق كثيرا لأي سلطة موريتانية و لكن الأكثر قلقا هو الخصام مع الجزائر القوة الاقتصادية و العسكرية المسيطرة على تخوم الصحراء الكبرى و ما تمثله من ثقل افريقي و عربي و دولي و ما لها من دور فعال في الاقتصاد الموريتاني و العوائد عليه ، مما يتطلب موقفا حكيما بعض الشيء طريق من سبقوا النظام الحالي في الحكم وهو الحياد الايجابي اتجاه العلاقة بين الجزائر والمغرب .

 

فمن المؤكد ان الجارتين تمارسان لعبة المصالح الكبرى ونبقى نحن الخاسر الاكبر ان قررنا الانحياز لاحداهما خاصة اذا كان المغرب الذي بيننا وبينه رغم قرب المسافة مابين المشرق و المغرب ويكفي مثالا مايحدث على الحدود الذي يؤكد ان المغرب لن يفرط في موريتانيا التي تمثل خاصرته الجنوبية وتمتلك موريتانيا في الوقت نفسه الموقف من الصحراء الغربية التي هي ورقة بالغة الاهمية ان تمسكنا بها حتى لو ادى ذالك الى توتر مع المغرب وربما يمتلك المغرب اوراق ضغط اكبر خاصة تلك الروابط الاجتماعية وتاريخ العلاقات الامنية والسياسية الذي يربك نظامنا الآن ويجعله يفتعل هذه الازمة التي تتوالى بعض المواقع والقنوات الحديث عنها ان اقدامنا على طرد الدبلوماسي الجزائري هو الخطأ بعينه ودليل على فشلنا في معالجة صحيحة لاي مشكلة قد يكون كارثيا –لاقدر الله- ..

 

ان علاقتنا بلدنا بالجزائر اقوى من ان تتاثر بحوادث كهذه خاصة ان هناك ملفات اقليمية تتطلب استمرار التنسيق المشترك .. ان طرد الدبلوماسي الجزائري جاء في وقت غير موفق ويشير الى ان هناك ايادي خفية تسعى الى تغيير البوصلة في اتجاه معين وردة الفعل التي حدثت في الجزائر ماهي الا في اطار المعاملة بالمثل وكل هذا لايصب الا في مصلحة طرف واحد وهو المغرب الذي لا يفرط في علاقتها مع موريتانيا رغم اختلاف الانظمة والحكام لانها وكما قلت سابقا تعد نفسها مسؤولة سياسيا عن موريتانيا هذا ان لم نكن كما يقولون "موريطانيا ديالنا" وفي الاخير ينبغي ان لا نخسر دولة في مستوى الجزائر التي تحترمنا وتقدرنا وليست لديها اي اطماع تاريخية ..

ايها الحاكم لا تضحي بالجزائر لاجل ود انت فاقده ولن تناله مهما فعلت مع الإخوة في المغرب...