هل يقرر الرئيس ربط أطراف البلاد عبر طرق جديدة؟

اظهرت المعطيات المتحصلة لدي صناع القرار بموريتانيا ارتفاع منسوب التنمية في المناطق التي تتوفر علي طرق حضرية، وتلك التي تمكنت الحكومة من فك العزلة عنها خلال الفترة الأخيرة.

 

غير أن مناطق واسعة من موريتانيا لاتزال معزولة، يستفرد الجهل بساكنيها، وتعرقل الطرق الوعرة مشاريع التنمية فيها، ويعزف سكانها علي الحياة الحضرية بفعل تكلفتها الصعبة، وغياب أي اهتمام بها من طرف الحكومات المتعاقبة علي حكم البلاد.

 

ويري خبراء النقل  أن البلد يحتاج إلي عدة طرق رئيسية تم القيام ببعضها، بينما لاتزال أخري خارج اهتمام الحكومة لحد الساعة رغم الحاجة الماسة اليها.

 

وتعتبر طريق الأمل أهم الطرق المطلوب ترقيتها والمحافظة عليها بحكم ارتباط 9 ولايات من الوطن بها، مع توسطها لثلاث أخري في العاصمة نواكشوط وحدها.

 

وتمر عبر الطريق المتهالك حاليا في أكثر من محطة آلاف الأطنان من المواد الغذائية سنويا، كما يمر عبره 80% من عربات النقل المغادرة للعاصمة نواكشوط بشكل يومي.

 

ويشكل الطريق العمود الفقري لشبكة الطرق الحالية، ومنه تتفرع اغلب الطرق الفرعية ذات المردودية التجارية، أو الممولة لأسباب سياسية محضة أو تلك المخصصة لتنشيط الزراعة في البلد.

 

أما الطريق الآخر، فهو طريق "النعمة – باسكنو" والذي فك العزلة عن مناطق واسعة من موريتانيا، وسهلة الحركة التجارية بين عاصمة الولاية ومناطق حدودية استراتيجية كانت معزولة عن باقي جسم الوطن، ومحرومة من مجمل الخدمات الأساسية بحكم وعورة الطريق، وانقطاعها في الخريف بفعل الأمطار والسيول التي تميز المنطقة.

 

ولعل طريق "نواكشوط – ازويرات" هو ثالث طريق حيوي بموريتانيا، بحكم التكلفة الكبيرة لغيابه، وعرقلة العديد من المشاريع الموجهة للشمال بفعل وعورة المنطقة، كما أنه مهم للثروة المعدنية والعاملين فيها، ممن كانوا يعانون العزلة، ويعيشون في انقطاع شبه تامة عن المحيط الذي ينتمون إليه.

 

لكن لاتزال مناجم الحديد والذهب والفوسفات بحاجة إلي طريق يربطها بالبحر مباشرة، من أجل تفعيل التنمية بولاية "إينشيري" وتعزيز الحركة التجارية ، وربط المصانع بالموانئ الموريتانية دون المرور من العاصمة نواكشوط، وتنشيط الحياة في القري والنقاط السكنية في الولاية ذات الثروة الهائلة، والنشاط التجاري الباهت.

 

وفي حالة انجاز الطريق سيكون ثالث طريق اقتصادي يتم القيام به بعد الطريق الرابط بين "روصو وسيلبابي"، والطريق الرابط بين "النعمة وباسكنو".

 

وتحتاج البلاد إلي طريق آخر أكثر حساسية من الناحية الأمنية والإستراتيجية، ومن شأنه تعزيز قوة التحرك وبسط السيطرة ، وهو الطريق الرابط بين "تجكجه" بولاية تكانت وجكني" في الحوض الشرقي ، عبر "تيشيت" والذي سيتيح للقوات الموريتانية التحرك عبر محاور واضحة من خلال شبكة طرق تبدأ من العاصمة نواكشوط مرورا بأطار في ولاية آدرار، قبل أن تتجه شرقا عبر جبال تكانت من حلال الطريق المقام به حاليا، مع خط يربط جنوب البلاد وشمالها بطول يبلغ 250 كلم علي أكثر تقدير، علي أن تكون الحركة بين الشمال (تيرس زمور وآدرار) والجنوب الشرقي (الحوضين) سالكا، ويمكن عبوره في أقل من ثلاث ساعات.

 

كما يسمح للحركة التجارية أن تتحرر أكثر من خلال نقل الثروة الحيوانية والأسماك والمواد الأولية كالخشب، والحبوب من شرق البلاد إلي شمالها عبر مسالك سهلة مقارنة بالعقود الماضية التي ظلت العاصمة نواكشوط أو الجارة السنغال الوجهة الوحيدة لتجار المواشي والمواد الأولية، والمنفذ الوحيد لمجمل ولايات الوطن.

 

غير أن طريق "اكجوجت – الأطلسي" و" الحوض الشرقي – تكانت" تظل أمامها عدة مصاعب سياسية ومالية في ظل ضعف الإرادة التي يتمتع بها صناع القرار في البلد، وتضارب المصالح الشخصية والجهوية مع مصلحة الدولة، واعتراض الكثير من الأطر علي كل المشاريع المكلفة والتي لايعود لهم منها ريع مباشر.

 

بل إن ضعف الوعي بقيمة ارتباط أطراف الوطن من الناحية الإستراتيجية في ظل دعوات التقسيم والعنف المتصاعد في المنطقة، وضبابية الأفق السياسي، كلها أمور تجعل من الاهتمام بشبكة الطرق أمر ثانوي اذا قرون بمشاريع سريعة تدر بالملايين علي المنشغلين بها، وتستنزف موارد الدولة دون الحاجة إلي مغادرة العاصمة نواكشوط وضواحيها.