يتداول بعض الإخوة - عن حسن نية - منذ يومين منشورات مسيئة فى الوسائط الإلكترونية (مجموعات الواتساب) تنتقد مايسميه كتابها التهميش الممنهج لبعض المجموعات القبلية فى عهد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى (مجموعة كنته) ، مستغلين غياب بعض أطرها عن التشكلة الوزارية الأخيرة لتأكيد ماذهبوا إليه من محذور القول ومفضوله، فى بلد يتطلع مجمل أبنائه إلى بناء دولة ديمقراطية، فيها لكل صاحب كفاءة نصيب، ولكل مواطن حق، ولكل فاعل فرصة للولوج إلى المتاح من دوائر صنع القرار، حسب الحاجة والتخصص، والخبرة، بغض النظر عن الجهة والفئة، والقبيلة، واللون.
إن بلدا كموريتانيا متعدد القبائل لايمكن أن تمثل فيه كل قبيلة داخل تشكلة وزارية لايتجاوز أفرادها 27 فردا، ولايمكن اعتماد المحاصصة القبلية فيه لتسيير منظومة تنفيذية يراد لها أن تكون حاضنة للجميع، حافظة لمكانة الكل، قاطرة للتحول المنشود نحو دولة المؤسسات والمواطنة الكاملة.
ثم إن الحضور فى الحكومة لايضمن تنمية للمناطق التى ينحدر منها السادة الوزراء، ولامستقبلا مريحا للموزرين أنفسهم، أو المتطلعين للتوزير المهتمين بمصالحهم الضيقة ، أو مكانة مالية - كما يتوهم البعض- فى ظل توجه يعتمد ناظم خيطه، الشفافية كمبدأ لإدارة شؤون البلاد، والنزاهة كمحدد لسير الأمور وانتظامها، والبعد عن المال العام، ونظافة اليد كشرط لتولى المهام أو الإستمرار فيها.
إن مايحتاجه البلد و المجتمع الكنتى جزء منه هو التنمية الحقيقة للمناطق الداخلية، والاستثمار فى التعليم كشرط لأي رقي أو تقدم، وحل إشكال العطش وهو إشكال مطروح بقوة فى الداخل، وحلحلة ملف الكهرباء والتفكير فى حلول جذرية لكهربة القرى بالطاقة الشمسية، وحمل المجتمع على تغيير عقلياته، والتوجه نحو العمل فى الزراعة، والدفع بالأبناء نحو مظان التكوين المهنى، وضمان عدم الظلم فى المواسم الإنتخابية، أو إقصاء الأفراد على أساس الرأي والتوجه.
إن نظرة بسيطة على مجمل المناطق التى شهدت أكبر حضور فى الحكومات السابقة يكشف بجلاء صدقية ماذهبنا إليه، حيث لاتزال مدن " تمبدغه" و"النعمه" و"لعيون" و" تجكجه" و"بوقي" و"روصو" و"بوتلميت" و"مكطع لحجار" و"أكجوجت" معاقل للفقر، والعطش، وانقطاع الكهرباء، والأحياء العشوائية فيها شاهدة على ضعف مردودية الموزرين منها منذ استقلال البلاد ١٩٦٠ إلي اليوم، ولاتزال مراكزها الصحية عاجزة عن تقديم الخدمة الضرورية لطالبيها، ومدارسها مجرد معاقل للجهل والتسيب، وشوارعها المظلمة شاهدة على الفارق الكبير بين حضور البعض فى دوائر صنع القرار، ومحاصرة البعض بالمشاكل الناجمة عن أخطاء وفشل بعض صناع القرار.
إن الحكومة فى النهاية تقدير خالص لرئيس الجمهورية، وهو أدرى بالتوازنات المطلوبة وفق الجدول الزمنى الذى أختاره لتشكيل الحكومة أو تعديلها، ولديه متسع وخيارات أخرى، يمكنه أن يلجأ إليها لفرض التوازن الذى يحتاج إليه، إذا تأكد أن إخلالا وقع بالفعل أو إقصاء تم.
أيها الأخوة الأفاضل من حقنا أن ننتقد التشكلة إذا غابت معايير الكفاءة أوتم اختيار فاسد أو مشهور بالضعف لتولى منصب عام، ولنا الحق كذلك أن نطالب بحضور أكبر فى دوائر صنع القرار دون استحضار عقلية الإستهداف والإقصاء، إذ لامبرر لذلك ولامؤشر عليه وليس المكان مكانه ولا الزمان زمانه، ولاداعى لركوب الأمواج، واستغفال العامة من أجل تنفيذ أجندة الآخرين والترويج لها دون وعي أو تفكير!.
(*) سيد أحمد ولد محمدو ولد باب / رئيس منتدى أوكار للتنمية والثقافة والإعلام