سيدي الرئيس،
صاحب الفخامة،
لقد شكل لقاؤكم الأسبوع الماضي برجال الأعمال نهجا جديدا مبشرا في توجيههم، بل إلزامهم بالإندماج في السياسة الاقتصادية و التنموية لبلادنا. لكنكم، ياسيادة الرئيس، قد جمعتم نفس رجال الأعمال لإنطلاقة الحملة الزراعية 2021-2022 بداية يونيو حيث التزموا جميعا عبر رئيسهم (رئيس أرباب العمل) بالدفع بالزراعة وخاصة شعبة الخضروات لتحقيق اكتفاء ذاتي في هذا المجال عقب الأزمة الخانقة إثر إغلاق معبر الكركرات الحدودي مع أشقائنا في الشمال لفترة أسبوعين تقريبا.
لكن التزام رجال الأعمال لم يتجاوز الحبر على الورق. ولم يشهد السوق حتى الآن أي خضر من إنتاج رجال الأعمال رغم مرور أكثر من تسعة أشهرعلى التزامهم و كأن الجزر والطماطم يتطلبون سنة لنضجهم. بل إن مبادرة خصوصية معزولة عم إنتاجها سوق العاصمة قدوما من ضواحي مدينة كرو خلال الأسابيع الماضية
. فلماذا لم يف رجال الأعمال بالتزاماتهم؟ و هل تم تذليل كل الصعوبات أمامهم؟
و ماهي المعوقات التي حالت دون تحقيق الأهداف المطلوبة؟
أم أن بعض الإصلاحات الهيكلية لم تستكمل؟ أم أن تكاليف الإنتاج و مخاطر الآفات الزراعية لا تزال عصية على الحلول؟
أم أن دعم بعض دول الجوار للفلاحة ينتج خضرا متدنية الأسعار لا يمكن لفلاحينا منافستها؟
هذه من ضمن جملة من تساؤلات تتطلب إجابات من جميع الشركاء حتى يتم التغلب على كل الصعاب و التحديات.
سيدي الرئيس،
صحيح أننا من أفقر الشعوب مثل ماقلتم، لكننا نمتلك ثروات و مؤهلات زراعية و حيوانية و بحرية و منجمية وطاقوية هائلة جدا تفوق حاجتنا إذا ما استغلت بصفة معقلنة قبل فوات الأوان و قبل انفجار بركاني لاقدر الله يعصف بلحمة شعبنا الهشة نتيجة الغبن و الحرمان من ثرواته و غياب العدالة الإجتماعية. إن الفقر المدقع يشكل أول خطر على السلم الأهلي و الاستقرار و الأمن. بل إن المجاعة قد تعصف بالدول و تفكك الشعوب و تؤجج الحروب الأهلية. فمن الواجب تلافي هذه الوضعية قبل خروجها عن السيطرة، و خاصة في الوضعية الدولية الصعبة الراهنة التي تعلو سماءها غيوم المجاعات و الأزمات الاقتصادية و تهديد السلم العالمي.
سيدي الرئيس،
تقتضي سياستنا الزراعية دمج مفاهيم جديدة مثل تقطيع الأراضي الزراعية إلى مناطق مختصة لكل شعبة مناطق خاصة بها و وضع دفاتر شروط يلتزم المستفيدون بتنفيذها وتحديد المعايير اللازمة كصنف البذور و المدخلات و المواد الصحية و الأسمدة و الطاقة الفلاحية و الدعم المطلوب من اعفاءات ضريبية إلى غير ذلك من الإصلاحات التي لايمكن نجاح أي سياسة زراعية و تنموية من دونها. بل إن تأميم جزء من ثروات رجال الأعمال لتوجيهه إلى دعمهم في مجال الزراعة أصبح أمرا ضروريا في ظل تهديد المجاعة لبعض الدول من بينها بلادنا.
سيدي الرئيس،
لا أحد غيركم من الحكومة يمكن له الوقوف في وجه التحديات و توجيه رجال الأعمال الذين يمتلكون الإمكانيات إلى الإستثمار الفلاحي و إدخال الإصلاحات اللازمة على المنظومة التجارية و الصحية للأغذية. فالتاريخ المزور لبعض الأغذية و احتوائها على مواد مضافة و مواد حافظة تشكل خطرا على الصحة حسب منظومة المنظمة العالمية للصحة و هيئاتها الفرعية مثل الكودكس ءاليمانتاريوس، كل ذلك ساهم في انتشار الأمراض و السرطانات في وطننا، لأن الكثير من هذه المواد مسلطنة و بعضها محظور في الدول الأربية.
بل إن من أغرب الغرائب، امتداد صلاحية الحليب المعلب سنة كاملة في بلادنا رغم أن صلاحيته لاتتجاوز ستة أشهر في جل بلدان العالم إن لم نقل كلها. فكيف يفسر ذلك، هل هو ناتج عن إضافة مواد حافظة بكميات أكثر أم أنه لغز يجب أن يفوت المستهلك، أم أن عندنا بركة في الأغذية و الزمن لاتوجد في الدول الأخرى.
سيدي الرئيس،
من يستورد هذه الأغذية المعلبة التي تولد أكثر من سؤال و استفهام يفوق بكثير ماتفيد للصحة، بل إنها قد تحتوي سموما ضارة مثل ما تم تداوله مؤخرا بخصوص مادة الشاي، كل من يستورد هذا النوع من الأغذية يجب أن يخضع لمنظومة استيراد قاسية حتى يتوجه إلى إنتاج محلي تكون ظروفه مدعومة من الحكومة، كي لا يصبح يوما بعد يوم مصدر قلق للناس و ضيق لصدورها مما يقربها رويدا رويدا من الانفجار و الكارثة لاقدر الله.
سيدي الرئيس،
لابد لكم من أخذ زمام الأمور و توجيه تلك الثروات الهائلة التي جمعها بعض تجارنا و رجال أعمالنا على حساب المواطن البسيط عبر كل الممارسات غير الشرعية كالتهرب من الضرائب و التحايل على الجمركة و تزوير الأختام و كل أنواع التهريب و الاحتكار إلى غير ذلك من الممارسات المجرمة في القانون من أجل الثراء السريع على حساب هذا الشعب، بل تفقيره إلى اسفل لوائح الفقر في العالم حسب التصنيفات الدولية. فلابد من توجيه تلك الثروات إلى الإستثمار المحلي في الأمن الغذائي لبلدنا.
سيدي الرئيس،
سماء العالم تمطر مجاعة و تصاعدا لأسعار كل الأغذية الأساسية في ظرفية استثنائية يمربها عالمنا اليوم، فأين توجه الزراعة للبدائل من شعير و ذرة و خضر و غير ذلك من البرامج الإستعجالية التي تندرج في تخفيف الأزمة على هذا الشعب الفقير كما قلتم و أين مبادرات تجارنا و رجال أعمالنا في هذا الإطار، و أين آليات الدعم و تهيئة الظروف لتلك البرامج. أم أن الارتباك هو سيد الموقف، أو موقف المتفرج على مبارات ودية لكرة القدم لا تقدم و لا تؤخر يليق بالأزمة.
بل إن الأزمة قد تدفع بعض الإنتهازيين إلى التمادي في الاحتكار وأنواع الممارسات الرهيبة لمضاعفة أرباحهم بكل الطرق الملتوية على حساب المواطن المسكين الذي لايستطيع أي مسؤول في الحكومة مواساته و مؤازرته إلا و دفع الثمن بعزله و إقالته في كثير من الحالات.
سيدي الرئيس،
إننا كلنا جند لكم في توجهاتكم النيرة و ندعمها كلها لتحقيق الأمن الغذائي و السلم الأهلي في بلادنا. لكن صبر الفقير قد ينفد في أي وقت إذا بات طاويا ليال متتالية حيث يمكن أن يؤدي به ذلك إلى فقدان صوابه و تصرف غريزة البقاء بأي ثمن.
المهندس محمد عبدالله اللهاه
هاتف : 31131284
بريد : lamoslamosla@gmail.com