مزارعو إينشيري : أرضنا خصبة وصالحة للزراعة ولكن الدعم مفقود (صور)

على بعد 50 كلم جنوب مدينة أكجوجت (عاصمة ولاية إينشيري) حطت مريم بنت عبد الله ولد أبليل، مع والدها الراحل- عليه رحمة الله- الرحال قبل عشر سنين، قادمين من آدغال ولاية آدرار، بعد رحلة شاقة خلف أخفاف الإبل، بعد الجفاف الذى ضرب المنطقة بالكامل خلال العقود الأخيرة.

رحل الوالد، وتبعه الزوجة، وأستهوت المدينة بعض أبناء الأسرة الفقيرة، ولكن مريم ووالدتها وشقيقها قرروا الإقامة على الطريق الحيوي بين أكجوجت وإينشيري، وسط ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد.

لاتهتم بنت عبد الله لأزيز المصانع المجاورة، وتدرك بأن سكان الشمال من أقل المستفيدين من مناجم الأرض وخيراتها، فى ظل شركات نهب عابرة للقارات، ومنظومة تنفيذية عاشت تحت وطأة الفساد لعقود، وإدارة محلية آخر مايشغل بالها سؤال التنمية والحكم الرشيد.

بينما كانت النخبة السياسية منشغلة بالصراع الدائر على المجالس البلدية والنيابية 2013، كانت مريم بنت عبد الله ولد أبيليل وزوجها المسن - عليه رحمة الله- يتباشرون بالأمطار التى عاشتها المنطقة، بعدما عمت السيول منطقة دمان (أشهر معاقل الزراعة بولاية إينشيري) ، لقد كانت تلك السنة فرصة للمقام جنوب أكجوجت من أجل بيع لبن الإبل لطالبيه، وزراعة " لگراره" المجاورة، بعد عامين من الجفاف، وصعوبة التنقل بين بوادي آدرار وإينشيري.

تحفظ بعض سكان المنطقة فى البداية على المشروع الصغير الذى دشنته العجوز القادمة من آدرار وزوجها الراحل - عليه رحمة الله - ، بيد أن وجيها من قدامى سكان أكجوجت (أهل باركلله) تدخل لمنحها الأرض، وهو قرار شكل مصدر إرتياح للأسرة بالكامل - كما تقول مريم- وهي تستذكر أيامها الأولى بلگراره الواقعة جنوب أكجوجت ، والتى باتت اليوم أهم مزرعة على الطريق الرابط بين المدينة المنجمية والعاصمة السياسية نواكشوط.

تقول مريم بنت عبد الله ولد أبيليل لموقع زهرة شنقيط إنها طرقت أبواب المجلس البلدي، والإدارة المحلية، وقطاع الزراعة، من أجل الحصول على سياج يؤمن لها مزرعتها الواقعة على الطريق الحيوي شمال البلاد، لكنها لم تستفد غير 25 مترا من السياج، كهدية من المجلس البلدى!. فكرت كثيرا فى التخلي عنها، ولكنها فى النهاية أخذتها وقررت ترك الإدارة إلى الأبد.
وتقول بنت عبد الله إن ماتستمع إليه من حملات زراعية وتسييج للأراضي ودعم حكومى للمزارعين ، لايشكل بالنسبة لها أي جديد، فى ظل استحالة استفادة منه الفقراء منه على أقل تقدير.

تشكل مزرعة مريم بنت عبد الله ولد أبيليل فرصة لسالكى الطريق من أجل الحصول على البطيخ غير المعدل وراثيا، أو المتضرر من السماد غير المضبوط بقواعد تقنية يمكن الركون إليها (الدلاح) ، كما هو حال المستورد فى الغالب من بعض المناطق الأخرى.

وتقول مريم بنت عبد الله ولد أبيليل إنها تبيع البطيخ تارة لمن ينشدونه، وتمنحه دون عوض لطالبيه فى الكثير من الأحيان.

وحول الرسالة التى ترغب فى إيصالها لوزير الزراعة يحي ولد أحمد الوقف الذى يحط الرحال يوم غد بولاية إينشيري (٦ نوفمبر ٢٠٢٢) ، ضمن جولة قادته لبعض ولايات الشمال " لا أحتاج إلى توجيه أي رسالة للوزير أو الوالى، كل الوافدين من العاصمة يدركون أنها مزرعة نموذجية، وأنها من دون سياج، وأنها ملك لأم أيتام وعجوز فقيرة، وهم فى النهاية أصحاب القرار، لقد تعبت من الطلبات قبل سنين، ولا أريد أن أعيد الكرة من جديد".

#زهرة_شنقيط
#تابعونا