أبرز ملامح التعديل الاضطراري داخل التشكلة الحكومية (خاص)

وزيرة الزراعة الأمينة بنت أمم

أعاد الرئيس محمد ولد عبد العزيز تدوير أعضاء الحكومة بشكل مفاجئ اليوم الاربعاء 2-9-2015  بعد فترة من الركود، وتعالى الأصوات المنتقدة لأداء البعض، وتكليف آخرين بمهام خارج النسق الفكرى الذى تربوا عليه، ولنزع فتيل الخلافات الداخلية بين بعض أعضائها بعد شهور من التوتر.

 

أبرز المغادرين للتشكلة الحالية كان الوزير اسلكو ولد أحمد ازدبيه الذى عاش لعدة أشهر، وهو يمنى النفس بالانتقال من وزارة التجهيز إلى الوزارة الأولى كما فعل بسلفه الوزير الأول الحالي يحي ولد حدمين، لكن تصاعد الخلاف بين الرجلين – دون مبرر واضح للقصر-، ودخول الأخير فى حملة مبكرة ضد أبرز العاملين فى القطاع، وضعف التأقلم مع أجواء الوزارة المكلفة بمجمل مشاريع الطرق فى موريتانيا عجل برحيله من محطة كان يرى فيها خاتمة أحلامه، إلى مجلس آخر هو "المجلس الوطنى للتنظيم" –ذى الصلاحيات الغامضة والدور التنفيذى المحدود- محافظا على بعض ثقته لدى الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذى عمله معه لأكثر من خمس سنوات، وتاركا مكانه للوزير المتجول محمد ولد خونه الذى اقترب من تحطيم الرقم القياسي بموريتانيا.

 

وبدت بصمات الوزير الأول يحى ولد حدمين واضحة على التعديل، فقد غادر الوزير محمد ولد محمد راره وزارة الداخلية بعد شهور من التوتير مع الوزير الأول، واكتفى من الغنيمة بمشاريع مفوضية الأمن الغذائي، وهو منصب يحفظ له مكانته كأحد أهم الشخصيات الحكومية المنحدرة من مقاطعة الطينطان حاليا، ويعيده إلى حيز سلطوى يمارس فيه هوايته بعيدا عن الداخلية وخيوطها المشتبكة في دولة يحكمها العسكر، وتعصف باستقرارها عصابات الجريمة، ويحتاج فيها وزير الداخلية إلى قدر كبير من اليقظة والإنسجام مع مجمل الفاعلين فى الحقل الحكومى.

 

غير أن ولد محمد راره لم تترك له الحرية الكاملة للتصرف فى القطاع الذى أحيل إليه، فقد أتبعت له "نجوى كتاب" كمفوضة مساعدة للأمن الغذائي فى نفس المرسوم، وهو مايعنى في عرف الساسة تضييق الخناق عليه من قبل الرئاسة، حيث ترتبط المفوضة المساعدة الجديدة بعلاقات وطيدة مع جهات لها علاقة أكثر من وطيدة بساكن القصر وصاحب القرار فيه.

 

وقد اسندت الداخلية لوالى ولاية لبراكنه أحمد ولد عبد الله، وهو أحد الأطر البارزين فى الداخلية طيلة العشرية الأخيرة، وقد تولى عدة مهام أبرزها منصب والى نواكشوط، وهو ما يشكل رسالة مهمة لمجمل الإداريين الذى خدموا فى السلك بأن الأمور قد تؤول إلي أصحابها، وهو نفس القرار الذى اتخذ بالخارجية الموريتانية.

 

غير أن أبرز الداخلين للتشكلة الحكومية بعد طول انتظار كان الدبلوماسي الموريتاني حمادى ولد أميمو الذى تم تعيينه وزيرا للخارجية خلفا للوزيرة فاطم فال بنت أصوينع بعد أن كاد القطاع يلفظ أنفاسه جراء الركود القاتل، والصراع الفج بين وافد يجهل تفاصيل العمل اليومى، ونخبة دبلوماسية ترى أنها الأجدر بتسيير الملف الحساس.

 

يعتبر حمادى ولد أميمو ابن مقاطعتين (تمبدغه – كوبنى) لكنه اشتهر بممارسته العمل السياسي في المقاطعة الأخيرة، حيث كان رأس الحربة فى مواجهة خصوم الرئيس سنة 2013، بعد أن كان من بين المنافسين للرئيس ذاته 2009 على سدة الحكم قادما من السفارة الموريتانية بالكويت.

 

يمتاز حمادى ولد أميمو بالجرأة فى الطرح، وهو أحد الدبلوماسيين القلائل الذى خاضوا مع الرئيس معركة الاتحاد الإفريقي قبل سنة من الآن، وكان تعيينه على رأس الخارجية الموريتانية مسألة وقت، بحكم العلاقة الوطيدة مع الرئيس، والتضحية بموقعه السياسي في المقاطعة بناء على طلب من الرئيس ذاته.

 

التعديل حمل كذلك رسالة تزكية لوزيرة الشؤون الاجتماعية الأمينة بنت أمم، حيث تم تكليفها بقطاع الزراعة خلفا للوزير ابراهيم ولد محمد أمبارك الذى كلف بالمياه والصرف الصحي من أجل انقاذ القطاع خلفا للوزير المتجول محمد ولد خونه، بينما تسلمت فاطمة بنت حبيب –لغز التشكلة الثالث- مكتب الوزيرة بنت أمم، لتفسح مجالها لوزيرة الخارجية السابقة فاطم فال بنت أصوينع من أجل إعادة التموقع في قطاع آخر هو البيطرة وملحقاتها.

 

كما لم يخل التعديل من رسالة إيجابية لبعض الأطراف القبلية من خلال الدفع بالنائب البرلمانى محمد الأمين ولد الشيخ لمنصب وزير الاعلام خلفا للوزير ازدبيه ولد محمد محمود الذى أبعد من التشكلة الوزارية.

 

ويعتبر محمد الأمين ولد الشيخ أحد نواب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية المقربين من رئيس الحزب، وأحد الذين ساندوا الرئيس بعد انقلاب 2008 بعد فترة دعم لزعيم المعارضة السابق أحمد ولد داداه، تخللتها شطحات وفتاوي غريبة تحرم التصويت لغيره.